النظام الهش الذي أسقطه سائق «التوكتوك»

نشر المقال فى 18 أكتوبر 2016

مداخلة تليفزيونية مدتها لا تزيد عن ثلاث دقائق فقط قدمها سائق «توكتوك» مصري عبر فيها عن الوضع المنهار في مصر كانت كافية لتنسف أكثر من ثلاث سنوات من الخطابات العرجاء والوعود الزائفة التي قدمها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي للشعب المصري ، فقد أصبحت مداخلة سائق «التوكتوك» حديث الشارع العربي وليس المصري فقط ، لأن الرجل الذي أجاب على المذيع حينما سأله إنت خريج إيه « فقال « أنا خريج توكتوك» كانت إجابة معبرة وشاملة عما يعانيه عموم الشعب المصري من مآس على يد الانقلاب، فهناك أناس يحملون رسائل علمية كبيرة ربما أكبر من الماجستير والدكتوراه لكنهم كالحمار يحمل أسفارا والتعبير عن الحياة وهمومها وفهم ما يجرى فيها ليس بحاجة إلى شهادات وإنما هو بحاجة إلى إنسانية وعقل وفهم ، وهذه هي التي تصنع الانسان الذي يميز بين الغث والسمين وبين حقائق الحياة ودجلها ، وبين الحق والباطل ، والسائق الذي ترك النظام الحقائق التي ذكرها وطفق يصنع بوسائل إعلامه الهابطة القصص والاقاويل عنه تارة بأنه من الاخوان المسلمين وتارة بأن لديه شهادة عليا أخفاها وتارة بأنه كذا وكذا فعل مثل كل الانظمة الجائرة التي تغفل الموضوع وتشخصن المسألة وتحاول تقزيمها ، لكن النظام بالفعل كان قزما أمام كلمات هذا الرجل .
وبعدما ترددت روايات مختلفة عن القبض على الرجل واختفائه في الامن الوطني بل والقبض على بعض أقاربه ، فقد ظهرت عشرات الفيديوهات الاخرى لمصريين من شتى المشارب والمستويات التعليمية من شمال مصر إلى جنوبها لرجال وسيدات من مختلف الاعمار تدعم الرجل وتشد على يديه وتتحدى النظام بالاسماء والصفات والصور والشخوص وتزيد على ما قاله الكثير وتهاجم النظام الفاشي الفاشل بعنف ، وتتحدى النظام الهش وتعريه .
ولأن نجحت ثلاث دقائق في نسف دجل أكثر من ثلاث سنوات فهذا يعني أن حكم العسكر هو حكم هش وضعيف للغاية وربما لا يحكم المصريين إلا بشيئين الاول هو الاستقواء عليهم بالجيش وكلاب الامن والثاني هو ضعف المعارضة وهشاشتها وعدم وجود مشروع وطني جامع يجعل الشعب يلتف حوله ويخرج كما خرج في الخامس والعشرين من يناير ليحقق ما عجز عن تحقيقه خلال السنوات الماضية بعدما خطفت ثورته منه ، وهو العيش والحرية والعدالة الاجتماعية ، فهذه المطالب العادلة حينما تصبح حقيقة على أرض الواقع يكون الشعب قد حقق البداية على طريق النهوض والتقدم ، أما بائعو الدجل والشعوذة بدءا من علاج الايدز بالكفتة وحتى قناة السويس الجديدة والعاصمة الجديدة وغيرها من الاوهام فلن يكون لهم مكان.

لا أود أن تكون مداخلة سائق التوكتوك مجرد مداخلة تليفزيونية بل أتمنى أن تكون بداية للفهم والجرأة على النظام والتحدي حتى تسترد الثورة زخمها ويحقق الشعب ما خرج من أجله العيش و الحرية والعدالة الاجتماعية .

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق
الإرهاب الأمريكي

دور أميركا الأزلي في صناعة الإرهاب والتطرف

التالي

حرب الموصل : إبادة السنة وليس داعش

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share