جمال عبد الناصر ومسرحية التنحي

أعقب هزيمة 1967 اشتعال الصراع بين جمال عبدالناصر وعبد الحكيم عامر، وكانت لحظة خطاب التنحي في 9 يونيو 1967 لحظة فارقة في مصير هذه الصراع. اللواء جمال حماد، كاتب بيان انقلاب 23 يوليو 1952، وأحد كبار الضباط الأحرار يروي في مقطع مصور من حلقة برنامج شاهد على العصر، التي جرى بثها في 5/1/2009، أثر الخطاب العاطفي الذي كتبه محمد حسنين هيكل في مسرحية التنحي، ليغير به مسار الأحداث.
مسرحية التنحي

أعقب هزيمة 1967 اشتعال الصراع بين جمال عبدالناصر وعبد الحكيم عامر، وكانت لحظة خطاب التنحي في 9 يونيو 1967 لحظة فارقة في مصير هذه الصراع. اللواء جمال حماد، كاتب بيان انقلاب 23 يوليو 1952، وأحد كبار الضباط الأحرار يروي في مقطع مصور من حلقة شاهد على العصر، أثر الخطاب العاطفي الذي كتبه محمد حسنين هيكل في مسرحية التنحي، ليغير به مسار الأحداث.

نص حوار اللواء جمال حماد عن مسرحية التنحي

أحمد منصور:
في صفحة 291 يقول عبد اللطيف البغدادي : “لقد قدرنا هذا المساء أن جمال وعبد الحكيم لابد أن ينتحرا بعد هذا الذي جرى وليس أمامهما مفر من ذلك”
ولكن عبد الناصر في 9 يونيو 1967 أعلن عن تنحيه، وخرج هذا الشعب ليتمسك بالزعيم المنهزم .
جمال حماد :
طبعا كانت يعني عملية عجيبة.
بس أنا بأقول إن السبب في كده إيه؟
أنه لما خرج الشعب، وطبعا بيان التنحي كان بيان بيناشد الناس أن هما يتمسكوا بيه .

بيان التنحي

أحمد منصور:
هل كان عبد الناصر يريد أن يلفت أو يصرف نظر الشعب عن الهزيمة الساحقة. التي كانت كما قال البغدادي هزيمة للأمة كلها . ويحولها إلى شخصه؟
جمال حماد :
هذا البيان كان له تأثير كبير جداً على الناس.
أحمد منصور:
كيف؟
جمال حماد:
الناس كلها خرجت إلى الشوارع سواء في القاهرة أو في المدن العربية.
أحمد منصور :
هل كان ذلك بطريقة عفوية : الخروج إلى الشوارع؟
جمال حماد:
بطريقة عفوية فعلاً. لأنه أنا كنت محافظ كفر الشيخ ولقيت أن الناس كلها في الشوارع.
هو طبعاً اللي كاتب البيان الأخ حسنين هيكل، وهو كتبه بطريقة عاطفية شديدة جداً.
أحمد منصور:
بحيث إن الشعب يعرف أنه مالوش قيمة من غير هذا الزعيم لو تنحى؟
جمال حماد:
بالضبط .
وإيه الحاجة الثانية؟
أن الشعب يفهم إن إحنا بالضبط زي 1956. بمعنى زي العدوان الثلاثي ..إنه إنجلترا وفرنسا تدخلوا أيامها، فهنا أيضاً بريطانيا وأميركا تدخلوا.
يعني نفس العملية.
أحمد منصور:
وبرأ نفسه من كل الاستعداء اللي عمله وكل الترتيبات التي كانت قبل الحرب؟
وقال حاجة بقى. قال إيه؟ يعني حاجتين. أولا قال زكريا محي الدين وقاله بشكل خاطف. قال إنه سيحل محلي زكريا محي الدين. طيب مين هو زكريا محي الدين؟ إيه مؤهلاته؟ ما قالش حاجة عن تاريخه..
أحمد منصور:
هو الشعب نسي زكريا محي الدين؟
زكريا محي الدين عضو مجلس قيادة الثورة.. أسس المخابرات المصرية. وزير الداخلية.. كل الملفات السوداء كما يقال كانت عنده.

التخلص من زكريا محيي الدين

جمال حماد:
المفروض يقول ليه عينه؟ هيعمل إيه زكريا محي الدين؟ يقدر يعمل إيه؟
يعني هو ذكر اسمه فقط لا غير.
أحمد منصور:
ربما كانت وسيلة للتخلص من زكريا محي الدين؟
جمال حماد:
هي كانت..لأنه تخلص منه بعدين، هو تخلص منه بعد ذلك، لكن هو لما قال اسمه لم يعطيه القيمة بتاعته.
ما قالش زكريا محي الدين .. هو..
أحمد منصور:
أعطى للشعب إحساساً أن زكريا سيغرقه .
جمال حماد:
لم يقل أن زكريا محيي الدين يستطيع أنه يقود الشعب إلى تحقيق مثلا أحلامه.
والحاجة الثالثة أنه قال إيه؟ بعد ما قال على الناس اللي تدخلوا .. بريطانيا والولايات المتحدة ..قال ورغم كل شيء فإني على استعداد لتحمل المسؤولية.
الكلمة دي خطيرة جداً، معناها مش أنا اللي عملت الحاجات دي، مش أنا المسؤول عنها ولكني على استعداد أنه أكون أنا المسؤول.
لو كان عاوز يتحمل المسؤولية كان قال : أنا أتحمل المسؤولية كاملة عن هذا الموضوع.
لكن أنا على استعداد لتحمل المسؤولية.، استعداد يعني إيه؟!
هذه كلمة استعملت لغرض في نفس يعقوب زي ما بيقولوا.

خروج الجماهير إلى الشوارع

أحمد منصور: إنما إيه السبب أن الناس جريت ؟
أولا حاجات نفسية أنه يعني إزاي الشعب يقبل أن إسرائيل هي التي تغير الرئيس ؟ هذا مهم جداً، شيئ نفسي أن إسرائيل تغير لنا القائد..!.
أحمد منصور:
ٌهزم أمام إسرائيل.
أيوه هزم بس هو القائد بتاعنا.

انسحاب الجيش المصري من سيناء

أحمد منصور : أي قائد وعبد الحكيم اللي كان بيدير البلد بقى له خمس سنيين؟..
جمال حماد: هم ما يعرفوش الأخبار دي
وبعدين القوات بتاعتنا لم تكن لسه وصلت إلى البلد، لأنه كلهم مساكين ماشيين على رجليهم، الرحلة الطويلة البائسة التي وصلوا بها، بينما الطائرات تضربهم وتُنشر صورهم في التلفزيون في كل الأماكن الأوروبية…
بقيت فضيحة، وأصل يعني مفيش أمر عمليات في العالم، وأمر انسحاب يكون بهذا الشكل، واحد يعني تعلم في كليات أركان حرب، والناس تعلموا، يقوم يقول إن القوات دي كلها التي حشدوها في 15 يوم أو أكثر تنسحب في ليلة 6 يونيو، ليلة واحدة!!
أحمد منصور:
انسحاب كيف؟
جمال حماد: بدون أي أمر عمليات، انسحاب يعني إجري.
تنسحب في ليلة واحدة إلى غرب القناة.
تترك الأسلحة الثقيلة. وتأخذ الأسلحة الخفيفة وتجري.
ولم يبلغ هذا الخبر إلى قائد الجبهة مرتجي، مايعرفش..
أحمد منصور:
بيقولو أنه لم يكلم قائد الجبهة الفريق عبد المحسن مرتجي..
البغدادي يقول في مذكراته، لم يشاهدوه يكلمه مرة واحدة فقط، وبعد عدة أيام….
جمال حماد:
لم يحدث ..
طيب ليه كان عامله قائد الجبهة؟
في كتاب مذبحة الأبرياء في 5 يونيو كثير من قادة الجيش رووا أن عملية الانسحاب أدت إلى خسائر ضخمة جداً في الجيش المصري.
كان يمكن أن تكون أقل كثيراً مما حدث.
اللي عايز أقوله .
إن الانسحاب هي عملية من العمليات المعروفة.
اللي في التكتيك الحربي.
يعني عندنا الهجوم والدفاع والتقدم والانسحاب.
أربع عمليات في التكتيك فكل عملية من هذه العمليات لازم لها أمر عمليات.
مش ممكن أقول للناس يهجموا مثلا كده، فأنا أقول للناس انسحبوا كده هو! ؟

الهزيمة الأبشع في التاريخ المصري

أحمد منصور: هل مصر كانت تستحق هؤلاء الذين حكموها؟
جمال حماد: لا.. لا تستحق طبعا.
أحمد منصور: هل مصر تستحق ما حدث لها على أيدي هؤلاء؟
جمال حماد: لا..هذه الهزيمة أشنع هزيمة في تاريخ مصر. فلا يمكن أن نغفر لهم هذا الكلام أنهم حطموا سمعة مصر ، وسمعة الجيش المصري بالألاعيب التي قاموا بها بدون علم ولا فن ولا منطق ولا أي شيء.
أحمد منصور: لكن ماذا تقول في الشعب الذي خرج يتمسك بزعيمه المهزوم؟
جمال حماد: شوقي قال إيه في “مصرع كليوباترا” قال إيه؟
اسمع الشعب ديونه.
كيف يوحون إليه .
ملأ الجو هتافا بحياتي قاتليه.
أثر البهتان فيه.
وانطلى الزور عليه .
يا له من ببغاء .
عقله في أذنيه.
أحمد منصور: يعني الشعب يستحق الذي يجرى له؟
لا لم يكن يستطيع أن يفعل شيئا.
أحمد منصور: البغدادي كتب بألم على هذا الشعب.
جمال حماد: شعب بائس.
أحمد منصور: وقال إنه كيف أن هذا الشعب لا يفيق من سكره.
جمال حماد: صعب جدا أنه يفهم اللي بيحصل.
أحمد منصور: ظهر الصراع بين عبد الحكيم وعبد الناصر على السطح .بعد الهزيمة كانت فرصة عبد الناصر للتخلص من المشير. قبلها أنا أريد أسألك..
أنت كنت محافظاً وخرجت الحشود من المحافظات.إلى عبد الناصر لتطالبه بالبقاء ..خرجت من كفر الشيخ .وكنت محافظا لكفر الشيخ إلى مصر؟
جمال حماد: لا .
هو اللي حصل أن الناس كلها خرجت في الشوارع .ابتدى الاتحاد الاشتراكي يتصل بالمحافظين ويسألوهم. قلنا لهم إن الشعب كله في الشوارع .
فهنا بقى بدأت الفكرة . هم في مصر يمكن حصل ترتيب في القاهرة. في ترتيب قبل ما يحصل..
أحمد منصور: إيه شكل الترتيب ده؟
جمال حماد: هو يعني البغدادي بيقول إنهم شافوا عربيات وشافوا ناس جاهزين. لكن أنا كمحافظ في إقليم ريفي أنا ما كنتش محضر حاجة .
ولو كانوا عايزين يحضروا كان لازم يتصلوا بي قبل كده. ولكن اللي حصل اتصلوا بي بعد الخطبة. فأنا قلت لهم الشعب كله طبعا ثائر وزعلان ويبكي وبتاع وموجود في الشوارع.
فقالوا بقى إنه أحسن طريقة استغلال هذا الموضوع.
فكلموا كل المحافظين قالوا لهم كل الناس دول تحضروا لهم عربيات وترسلوهم على القاهرة بكره الصبح..آه عشرة يونيو. أنا عملت كده يعني إديت تعليمات وجبت عربيات وركبت الناس كلها وبعثت بهم إلى القاهرة.
بس أنا أؤكد لك والتلفزيونات الشرائط موجودة..
أحمد منصور: كل المحافظين راحوا؟
جمال حماد: كل المحافظين ما عدا أنا. أنا لم أذهب . لأنه أنا قلت أروح فين؟ علشان إيه؟ احتفالا بالنصر؟
إيه اللي يخليني آخذ شعب المحافظة وأطلع به إلى القاهرة علشان إيه؟ إحنا لا انتصرنا ولا حاجة. فكانت دي طبعا من ضمن الحاجات..
أحمد منصور:
كانت حالتك النفسية عامله إيه؟ حالة سيئة جدا جدا جدا.
جمال حماد:
أنا بكيت على أن مصر يحصل لها كل هذا الهوان من إسرائيل..
أحمد منصور:
على أيدي من؟ أصحابك.
جمال حماد:
على أيدي أبنائها.
على أيدي أبنائها وبدون سبب.
يا ريت في سبب .
ياريت أنه إسرائيل هي اللي تحرشت بنا واحنا بنرد العدوان. لكن إحنا اللي عملنا الحرب ولذلك ما فيش أي دولة أيدتنا في هذا الموقف. مفيش أي دولة زي عدوان 1956 .
1956 الدول كلها كانت بتؤيدنا لأنه إحنا معتدى علينا. لكن إحنا اللي بيدينا طردنا القوات الدولية وحشدنا قواتنا وقفلنا خليج العقبة وعملنا أبطال. طيب إيه بنعمل الحاجات دي ليه ؟
إذا إحنا ما عندناش الإمكانيات ونصف جيشنا في اليمن طيب ليه بنعمل كده؟!
أحمد منصور:
عبد اللطيف البغدادي يقول كنا ننتظر أن عبد الناصر وعبد الحكيم ينتحروا هما الاثنان، لكن نحروا البلد والاثنين بقوا .

انهيار أسطورة جمال عبد الناصر

جمال حماد:
عبد الناصركان استعاد نفسه بقى بعد الشعب ما رجعه. استعاد ثقته بنفسه وقوته إلى حد ما . ولو أنه يعني الناس اللي بيفهموا قالوا إنه هو مات سنة 1967 وشيعت جنازته سنة 1970.
أحمد منصور: قالها حسين الشافعي في شهادته على العصر.
جمال حماد: وناس كثير قالوها. وأنا بأقولها. فعلا أنه هو كان الثلاث سنين دول كان في حالة بائسة جدا.
لأنه بعد ما كان عملاقاً هو فاكر نفسه أحد عملاقة العالم مثله مثل تيتو ومثل نهرو بنفس المستوى لقى نفسه بقى أنه ما فيش حاجة. رجل غلبان.
إسرائيل هزمته هزيمة مريرة.

المزيد

Total
0
Shares
السابق
معركة الفلوجة ج 6

سلسلة كتب أحمد منصور الصوتية..معركة الفلوجة ج6 : الخروج من حصار القناصة

التالي
الرئيس محمد مرسي

لماذا فشل الرئيس مرسي في حكم مصر؟

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share