عبد الله النفيسي : أسباب فشل الهيمنة الأمريكية على العالم

تناول د/ عبد الله النفيسي أستاذ العلوم السياسية الكويتي الحديث عن تجاوزات أمريكا للقوانين والأعراف الدولية، في الذكرى الأولى لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، و أسباب فشل الهيمنة الأمريكية على العالم، وأثر ذلك على هيبتها ومكانتها بين دول العالم .
النفيسي

تناول د/ عبد الله النفيسي أستاذ العلوم السياسية الكويتي الحديث عن تجاوزات أمريكا للقوانين والأعراف الدولية، في الذكرى الأولى لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، و أسباب فشل الهيمنة الأمريكية على العالم، وأثر ذلك على هيبتها ومكانتها بين دول العالم .

وتطرق النفيسي إلى الانعكاسات التي ولدّتها الهواجس الأمنية في أميركا، على مختلف الأصعدة، وخوف إدارة بوش من المساءلة، لذا لجأت لشغل الرأي العام الأمريكي، بعدو خارجي.

وأوضح النفيسي أن أميركا تفتقر للخبرة السياسية، على نقيض أوروبا بخبراتها التاريخية وعراقتها وتاريخها الممتد لـ آلاف السنين، وتوقع فشل أميركا التي تلجأ دائماً إلى منطق القوة والعسكرة، بدون متكآتها الفكرية والعقدية والسياسية.

نص حوار عبد الله النفيسي عن أسباب فشل الهيمنة الأمريكية على العالم

أحمد منصور:

لماذا لم تخرج أميركا إلى اليوم من حالة الفزع والخوف التي تعيشها منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر؟

أحداث الحادي عشر من سبتمبر

د.عبد الله النفيسي :

أتصور أنها لم تخرج من حالة التصعيد والتوتر لخمسة أسباب:

السبب الأول: أنها لم تحقق نتائج كبيرة في القبض على المسؤولين الفعليين في 11 سبتمبر.

السبب الثاني: لو تأملت بالجدول اليومي للرئيس (بوش) الجدول اليومي من الصباح الباكر إلى.. إلى المساء ستلاحظ أنه يبدأ يومه العملي الساعة 8 على الطاولة يكون فيه ورقة يسمونها ورقة تقدير الموقف الأمني، اللي هي الـ Threat Assessment هذه بين خمس صفحات إلى 25 صفحة، ينغمس الرئيس بوش في قراءة هذه الورقة كل صباح الساعة 8، يتتبع أخبار الليل وما ورد إليه من الـCIA والـ FBI حول التهديدات المنتظر أن يواجهها كمسؤول عن الدولة، فيشعر الرئيس على مدى طويل يوماً إثر آخر من خلال قراءته لهذه الورقة التي يضعها الـCIA والـFBI، أن التهديدات ينبغي أن تشغل رأي الإدارة وتهمل القضايا الأخرى، ولذلك الإدارة في حالة توتر مستمر.

خوف الإدارة الأمريكية من المساءلة

فيه سبب ثالث وهو: أنه الرئيس بوش والإدارة خايفين من المساءلة الداخلية، حتى الآن –أخي أحمد- لم تتم مساءلة الإدارة.

أحمد منصور:

صحيح.

غرق التيتانيك

د.عبد الله النفيسي:

عن 11 سبتمبر، يعني عادة مجتمع منفتح كالمجتمع الأميركي عريق في مؤسساته الديمقراطية مرَّ بكثير من الكوارث مثل غرق (التيتانيك) سفينة التيتانيك..

أحمد منصور:

في بداية القرن.

بيرل هاربر

د.عبد الله النفيسي:

سنة 1912، (بيرل هاربر) في الأربعينات، اغتيال كيندي، كل حادث من هذه الحوادث تُشكل بعده يعني لجنة للتحقيق وللبحث وللمساءلة وللتساؤل وتُوضع تقارير ويستقيل من يستقيل ويُقال من يُقال..

أحمد منصور :

أشهرها فضيحة (وترجيت) مثلاً.

د.عبد الله النفيسي:

وترجيت.

أحمد منصور:

الرئيس نفسه راح فيها.

د.عبد الله النفيسي:

الرئيس نفسه (نيكسون) لأنه سرق فقط شريط من حزب.. الحزب الديمقراطي حوسب..

أحمد منصور:

(مونيكا لوينسكي) العالم تابعها على.. على التليفزيونات. نعم.

د.عبد الله النفيسي:

حوسب.. (كلينتون) نفسه حُوسب على ما قام به من.. من مغامرات شخصية خلافه.. حتى الآن لم يطبق المجتمع الأميركي قانون المساءلة على بوش، ولذلك بوش خوفاً من هذه المساءلة يُشغل المجتمع الأميركي بالعدو الخارجي ويشغل الإدارة الأميركية بالتهديد القادم من أفغانستان أو من غيره أو من العراق حتى، هذا سبب ثالث.

السبب الرابع: الإدارة الأميركية أصبحت منزعجة من انطفاء التعاطف الدولي مع الأميركان، يعني كلنا يذكر أنه في سبتمبر عندما رأى العالم هذا المشهد يعني اهتزَّ الوجدان العالمي، وبدأ التعاطف، مع إنه أنا يعني أنا عندي رأي آخر في هذا الموضوع.

أحمد منصور:

حتى عنوان إحدى الصحف الفرنسية صدر 12 سبتمبر يقول: ضُربنا في أميركا.. يعني..

د.عبد الله النفيسي:

ضُربنا فإذن الآن لا أبداً، الآن فيه انطفاء للحالة هذه، هذا سبب يزعج الإدارة ويدفعها للتوتر.

السبب الخامس والأخير يا أحمد: إنه الإرهاب عدو غير مرئي، عدو ليس له.. مُجسَّم، عدو ليس له حجم، ليس له لون، ليس له (Uniform) زي عسكري، ليس له عَلَم، ليس له مقر، ليس له دبابات، ليس له شيء ظاهر، عدو..

أحمد منصور :

كما قال بعض الكتاب الأميركيين أشباح، إحنا بنطارد أشباح.

د.عبد الله النفيسي:

بالضبط.. بالضبط عدو غير مرئي والعدو غير المرئي لا تستطيع أن تجزم إنك ضربته في الصميم، إنه استطعت أن تخترق صفوفه، إنه يعني فعلت به ما تريد، لأنه غير مرئي ولذلك الآن بيحاول بوش التحول من العدو الغير المرئي اللي هو ما يسميه الإرهاب أو تنظيم القاعدة، إلى العدو المرئي اللي هو صدام حسين والعراق اللي هو جيش ودولة وأرض وسفارات وشرعية دولية، شيء مجسم يستطيع أن يمسك بتلابيبه ويحقق نتائج.. نتائج في مواجهته قبل الانتخابات القادمة، لذلك الرئيس بوش والإدارة الأميركية حاطين في الاعتبار مسألة الانتخابات القادمة وتحقيق نتائج في هذا المضمار قبل الانتخابات القادمة.

تأثير الهاجس الأمني

أحمد منصور:

أيه هو تأثير الهاجس الأمني المغرق على المسؤولين وعلى السياسة الأميركية وعلى البلد لدرجة أنفقوا 5 مليار على الطيران لوحده؟ ما أثر هذا على مستقبل هيمنة الولايات المتحدة، عظمة الولايات المتحدة، قوة الولايات المتحدة، الأمني الداخلي للمواطن الأميركي نفسه؟

د. عبد الله النفيسي:

أنا أعتقد سيكون أثره كبير جداً، يعني هذه الدولة التي يعني في مكنتها أن تسير هذه الأساطيل وأن تجيش هذه الجيوش وأن تعد هذه العدة العسكرية وأن تعجز عن.. عن مواجهة عصبة أو طائفة من المسلمين اللي تحركوا بغيرة دينية ضد هيمنة وغطرسة الولايات المتحدة لأسباب أقولها موضوعية، ولأسباب تاريخية مشروعة، فهمت كيف؟ هذه القوة الضاربة عاجزة عن مواجهة هذا الخطر اللي بتسميه إرهاب، أنا أعتقد دليل عجز كبير وسينعكس حتماً وقد بدأ انعكاسه على صعيد اقتصادي وعلى صعيد ثقافي وتعليمي، وعلى صعيد نفسي، وعلى صعيد إعلامي، اليوم فيه.. فيه.. فيه تدمير لكل الجسور في العلاقات بين الولايات المتحدة والدول الحليفة لها، اليوم فيه طلبة سعوديين مسجلين في الجامعات الأميركية.

أحمد منصور:

لم يذهبوا إليها.

د. عبد الله النفيسي:

لم يستطيعوا الذهاب إلى هناك، فيه طلبة كويتيين.

أحمد منصور:

فيه فريق كرة قدم لبناني تأخرت تأشيراته أيضاً حتى على مستوى.

د. عبد الله النفيسي:

يعني خلينا نقول كرة القدم يعني..

أحمد منصور:

فريق.. هو لعبة رياضية، لا أذكر كرة القدم.

د. عبد الله النفيسي:

آه، بس.. بس ناس أصبح مرتبط مستقبلهم في..

أحمد منصور:

آلاف الطلبة العرب.

د. عبد الله النفيسي:

آلاف الطلبة العرب الآن.

أحمد منصور:

صحيح، السعوديين على وجه الخصوص، 150 طيار سعودي قاعدين في البيت الآن.

د. عبد الله النفيسي:

بس.

أحمد منصور:

لمنع الولايات المتحدة.

د. عبد الله النفيسي:

وهذا.. هذا دليل على أن الكيان هش، وليس كما نتصوره كيان قادر على السيطرة وقادر.. يعني الضربة الفنية التي استطاعت..

أحمد منصور :

عندي جملة يا دكتور تساعد في هذا المفهوم لو تسمح لي بها.

د. عبد الله النفيسي:

اتفضل.

أحمد منصور:

بيتفق اللي بيقول هذا المعنى (توم ريدج) وزير الأمن الداخلي الأميركي، في عدد “نيوزويك” الأخير، يقول: إن مشكلة تقييم الطريقة التي قامت بها الحكومة الأميركية بحمايتنا منذ الحادي عشر من سبتمبر هي أن الشيء الوحيد الذي سيلاحظه الشعب الأميركي دائماً هو الفشل.

د. عبد الله النفيسي:

آه، تفضل! هذا توم ريدج!!

أحمد منصور:

وزير الأمن الداخلي الأميركي.

عبد الله النفيسي:

طيب، يعني هذا كلام أيضاً بيؤكد ما نذهب إليه.

المنطق الأمني

أحمد منصور:

إذا هذا وزير الأمن الداخلي الأميركي، لماذا تتجاوز الولايات المتحدة، وتصر على أن تتعامل بالمنطق الأمني في قضاياها وعلاقتها بالآخرين من بعد 11 سبتمبر إلى الآن؟ حتى إن فيه احتجاجات قدمت في السعودية تحديداً فالقنصلية قالوا إحنا الأمن.. القنصلية قالت للطلبة المتأخرين الأمن مقدم على كل شيء في الولايات المتحدة.

د. عبد الله النفيسي:

يا أخي أحمد، لو كل الدول تفعل ما تفعله الآن الولايات المتحدة وتتخذ نفس المبررات لأصبح العالم في حالة من الفوضى، أعطيك مثل فيه تنظيم في أيرلندا –كما تعرف- اسمه التنظيم الجيش الإيرلندي السري الـ IRA صح أو لا؟

أحمد منصور:

نعم.

د. عبد الله النفيسي:

هذا التنظيم تنظيم يجد في المجتمع الأيرلندي في (دبلن) حاضنة، صح أو لأ؟

أحمد منصور:

نعم.

د. عبد الله النفيسي: هذا التنظيم Circus ضرب قلب لندن ضرب ليفربول Street Station، ضرب أكسفورد سيلكس، لا بل نسف فندق كانت تقطن فيه (مارجريت تاتشر) بغية اغتيالها، صح أو لا؟

أحمد منصور:

نعم.

د. عبد الله النفيسي:

هذا تنظيم أيرلندي دخل إلى لندن وضرب لندن، هل اتخذت الحكومة البريطانية هذا مبرر لقصف أيرلندا وتخريب دبلن؟

أحمد منصور:

بالعكس هي تفاوضت معهم.

د. عبد الله النفيسي:

تفاوضت مع هذا التنظيم.

أحمد منصور:

صح.

د. عبد الله النفيسي:

ليش؟ لأن فيه شق سياسي اللي هو (جيري أدامز) اتصلوا ووسطوا حتى (كلينتون)، كلينتون لأنه أصلاً أيرشي.

أحمد منصور:

وكان بيستقبل جيري آدامز في البيت الأبيض وهو على خلاف مع الحكومة البريطانية.

د. عبد الله النفيسي:

استقبل، لا بل إن الرئيس كلينتون تجمعه بجيري آدامز صداقة قديمة أوحت إليه بأن يوعز للأقلية الأيرلندية داخل الولايات المتحدة بأن يجمعوا تبرعات للجيش السري الأيرلندي، ومع ذلك ما حصل أي قصف، وما حصل أي تدمير، كل ما فعله الإنجليز.. والإنجليز أهل ذو خبرة وعندهم مهارة دبلوماسية وعندهم ذراع دبلوماسي طويل وتاريخي، فأوعزوا لهذا الذراع بأن يتكلموا مع الـ IRA، واستطاعوا أنهم يشدوا الـ IRA عبر سنوات من المفاوضات، إلى درجة أنهم وقعوا مع الـ IRA ها..، الاتفاق الأخير الذي رضي به الطرفان، أما أن يذهب الأميركان ويدمروا الأرض بما عليها ومن عليها في أفغانستان بحثاً عن تنظيم، هم يقولون بأنهم شرذمة، طيب إذا كانوا شرذمة لا يستدعي الأمر كل هذا القصف في تورابورا وفي غيرها خوست..

أحمد منصور:

الـ “نيوزويك” قيل 4 أو3 أعداد عملت تحقيق عن المذابح اللي ارتبكت في أفغانستان وكم..

د. عبد الله النفيسي:

لأ، ارتبكت مذابح يجب أن يجرم الأميركان من أجلها، ويجب أن يحاكم المسؤولين الأميركان في جرائم الحرب من أجلها، أنا أعتقد..

أحمد منصور :

هم لأجل ذلك واقفين بقوة ضد المحكمة.. المحكمة الجنائية الدولية.

عبد الله النفيسي:

طبعاً.. طبعاً.

أحمد منصور:

ويعني طلبوا باستثناء الأميركان لمدة سنة الآن من العسكر الأميركان من إنهم يخضعوا لهذه المحكمة وبيحاولوا يجددوها. صحيفة “التايمز” البريطانية نشرت مقالاً في نهاية يوليو الماضي، أشارت فيه إلى أن إدارة بوش تعتزم تجنيد 11 مليون أميركي للعمل كجواسيس ومخبرين محليين، لرصد كافة التحركات اللي بيقوم بها المواطنين الأميركيين في محطات الطاقة في الشوارع، في محطات الكهربا، في المؤسسات، في المصانع، العدد دا بيمثل 4% من عدد الشعب الأميركي، يعني كل 25 أميركي.

عبد الله النفيسي:

لهم واحد.

أحمد منصور:

هيبقى عليهم مخبر.

أحمد منصور:

يعني إحنا هنا في نعمة.

عبد الله النفيسي:

آه طبعاً.

أحمد منصور:

إحنا ما عندناش 25.. كل 25 فينا عندهم مخبر.

عبد الله النفيسي:

هذا صحيح، يا ريت تعمل حلقة على الأجهزة الأمنية العربية.

أحمد منصور:

نعمل إن شاء الله.

عبد الله النفيسي:

تبقى يعني فتح.. يعني من فتوحاتك يعني.

أحمد منصور:

طب حضرتك تبقى الضيف فيها.

عبد الله النفيسي:

أنا يسعدني ذلك.

أحمد منصور:

طيب خلاص إن شاء الله.

عبد الله النفيسي:

لأن عندنا كلام كثير.

أحمد منصور:

بس هتورطني، أنا غلبان أنا.

عبد الله النفيسي:

لا.. لا أبداً.. لا.. أبداً.

أحمد منصور:

أنا سؤالي هنا يعني هل يمكن أولاً إن الـ 11 مليون دول اللي هيجندوهم مع كل اللي عاملينه في الأمن، هل يمكن دا إنه هو يحمي أميركا؟

د. عبد الله النفيسي:

إطلاقاً.. إطلاقاً، مسألة الأمن لها شقها السياسي، يعني المسألة ليست بالكم من المباحث أو بالكم من كلاب البوليس أو الزنزانات أو السجون أو الطيارات أو B52، أبداً، المسألة الأمنية لها شقها السياسي، إذا استطعت أن تعالج شقها السياسي استكملت حكاية الأمن، أما إنك تركز على الأمن وبس، وتهمل شقة السياسي والتباساته السياسية، سياقاته السياسية، هذا ما يفعله الأميركان الآن، ولذلك هم فاشلين، أنا أعتقد بأن القضية التي يتحرك من أجلها تنظيم القاعدة لها سياقها السياسي، لها خلفيتها السياسية.

أحمد منصور:

طيب تنصح الأميركان بأيه يا دكتور؟

عبد الله النفيسي:

ما أنصحش الأميركان.

أحمد منصور:

ليه؟

عبد الله النفيسي:

إن شاء الله يجعلهم في.. في.. في بؤرة الفشل.

أحمد منصور:

دول غلابة مساكين.

عبد الله النفيسي:

فأنا أعتقد هم ليسوا بحاجة إلى نصيحتنا، وإحنا لسنا مكلفين بنصح هؤلاء، أنا أعتقد بأن مقاومة الامتداد الأميركي في المنطقة، يجب أن يأخذ مداه الزماني والمكاني، يعني اليوم ممكن أنت تقول إن أميركا قادمة، وأميركا مسيطرة، وأميركا ستضرب العراق، وأميركا ستغير النظام في العراق، كل هذا ممكن، لكن هذا لا يعني إطلاقاً إنه أميركا سيستقر لها القرار في المنطقة..

عسكرة المجتمع الأمريكي

أحمد منصور:

أعود للمحور اللي كنا بنتكلم فيه وهو تغافل التعامل بالدبلوماسية والسياسة، والتركيز على التعامل الأمني الذي تقوم به الولايات المتحدة، ما أثر سيطرة سيادة منطق القوة والعسكرة والأمن وتغليبها على منطق السياسة ومنطق التفاوض؟

عبد الله النفيسي:

كبير جداً، (كيسنجر) وهو مهندس السياسة الخارجية الأميركية لفترة طويلة من الزمن، كيسنجر له كتاب حول هذا الموضوع اسمه “الشراكة المضطربة”، الشراكة المضطربة يبحث في المشكلة بين الأميركان والأوروبيين داخل الحلف الأطلسي، ويقول بإن إحنا عندنا مشكلة مع الأوروبيين، هؤلاء يغلبون السياسة، وإحنا نغلب العسكرة، لأن الأميركان ما عندهم غير العسكرة، ما عندهم خبرة سياسية، أميركا عمرها كم يا أحمد؟ عمرها كم؟

أحمد منصور:

200 سنة.

عبد الله النفيسي:

200 سنة.. 300 سنة، يا أخي الكويت عمرها 200 سنة.. 300 سنة معايا أم لأ؟ بس أوروبا بخبراتها التاريخية، بعراقتها، بتاريخها ألوف السنوات من الخبرة السياسية، ولذلك معظم الدبلوماسيين الأميركان الآن يكون تدريبهم بأوروبا وفي.. في المعاهد الأوروبية في دراسة الدبلوماسية، أنا أقول..

أحمد منصور :

ولكن.. ولكن عفواً يا دكتور، أميركا داست على ذلك، معروف.. كان من المعروف، يعني ربما حتى أيام أو شهور خلت إن سياسة أميركا في الشرق الأوسط ترسم في وزارة الخارجية البريطانية، الآن أميركا داست حتى على بريطانيا حليفتها.

د. عبد الله النفيسي:

صحيح الآن.

أحمد منصور:

في مقال (ديفيد هويل) النهاردا في “الخليج” بيدل على ذلك وبيعطي إيحاء أيضاً أن الأميركان ينظرون باحتقار إلى الأوروبيين.

د. عبد الله النفيسي:

الآن.. الآن فقط.

أحمد منصور:

نعم.

غطرسة القوة

د.عبد الله النفيسي:

الآن، ليش؟ لأنه بلغ.. بلغ.. بلغت فيهم غطرسة القوة بحيث أصبحوا لا يرون هناك مخرج لمأزقهم مع موضوع الإرهاب إلا القوة، وهم مخطئين في ذلك يا أحمد، مخطئين تماماً، الأوروبيين لهم اتجاه آخر تماماً، إحنا كثيري التردُّد على أوروبا، ولنا علاقاتنا بما إن إحنا تخرجنا من.. من.. من جامعة أوروبية، والسفر إلى أوروبا سهل، اللقاء بالمسؤولين هناك في الأحزاب الحاكمة والأحزاب المعارضة سهل، تستطيع أن تحصل على كارنية كعضو شرفي في حزب حاكم أو حزب معارض بسهولة في أوروبا، في ألمانيا، في إنجلترا، في فرنسا، وتصبح عضواً في الحزب، يعني شرفياً وتحصل على منشوراته وتتكلم معاهم وتأخذ وتعطي معاهم، ومن يتابع هذه العملية السياسية في أوروبا يجد أن.. أنها عملية غنية وثرية، بينما العملية السياسية في.. في أميركا عملية تقوم على المال أساساً وليس على الفكر وليس على المبادئ.

أحمد منصور:

لكن يعني أما تعتقد أيضاً إن القوة كما يقول الأميركان هي التي تمكن من فعل كل شيء؟ وهنا المؤرخ الأميركي البارز (بول كيندي) صاحب كتاب “نشوء وسقوط القوى العظمى”، كتب مقال في “الفاينانشيال تايمز” في 3 سبتمبر الماضي، قال: أصبح معهوداً لنا اليوم أن تكون ميزانية البنتاجون تساوي مجموع ميزانيات الخمس عشرة دولة التي تلي الولايات المتحدة من حيث القوة العسكرية. بعبارة أخرى أميركا تنفق من 40 إلى 45% من حجم الإنفاق العسكري العالمي اللي هو الـ185 دولة على السلاح، علاوة على إن ميزانية البنتاجون لأعمال البحث والتطوير ربما تساوي من 70 إلى 80% من مجموع ما ينفقه العالم في هذا الحقل، سؤالي هو كيف يمكن لهذه القوة أن تفقد هيمنتها على العالم؟

د.عبد الله النفيسي:

تفقد..، الهيمنة –يا أحمد- العسكرية المحضة آيلة للسقوط.

أحمد منصور: يعني ما فيه بحر إلا وتمخر فيه عباب السفن العسكرية الأميركية، ما فيه قارة الآن إلا ويتواجد فيها الأميركان بكثافة وبقوة.

د.عبد الله النفيسي:

يا أخي الفاضل، الهيمنة لا يمكن أن تستمر فقط بالعسكريتارية، ادرس التاريخ، كل أمة اعتمدت على العسكرة فقط دون متكآتها الفكرية والعقدية والسياسية وغيرها تفقد هيمنتها، الرومان، الإغريق، كل إمبراطوريات العصور الوسطى، الصين، الهند، كل هذه الدول العريقة القديمة عندما استأسدت بالعسكرة سقطت، حتى الدولة الإسلامية عندما اتسعت عسكرياً، وبدأت تهمل دورها اللي تتكئ عليه القوة العسكرية الإسلامية فقدت الأندلس، وتراجعت إلى ما نراه اليوم إلى دول قُطرية متشرذمة، ولذلك عملية الهيمنة لا يمكن أن تقوم فقط على أساس عسكري، ينبغي أن تقوم على متكآت أخرى تشمل جوانب الحياة كلها بما فيها الاقتصاد، بما فيها الثقافة، ولذلك الأميركان بادئين يحسون بالمشكلة هذه يا أحمد، بادئين يحسونها الآن، لكن أعتقد بأن ضربة 11 سبتمبر أربكت عليهم حركتهم.

فهرس موضوعات الحوار

(00:00) استمرار الفزع الأمريكي في الذكرى الأولى لـ 11 سبتمبر.

(01:58) خوف الإدارة الأمريكية من المساءلة.

(03:22) صناعة عدو خارجي.

(03:39) خفوت التعاطف الدولي مع أمريكا.

(05:00) انتقال الحرب على الإرهاب من مرحلة العدو غير المرئي إلى المرئي.

(05:35) تأثير الهاجس الأمني على السياسة الأمريكية.

(08:16) فشل المنطق الأمني في الحرب على الإرهاب.

(09:06) تجربة بريطانيا مع الجيش السري الإيرلندي.

(11:21) مذابح أمريكا في أفغانستان.

(11:48) محاولة الإدارة الأمريكية تجنيد ملايين المواطنين في أعمال تجسس.

(13:47) رفض النفيسي توجيه النصح للأمريكان.

(14:36) أثر سيطرة منطق سيادة القوة على منطق السياسة.

(16:39) فلسفة الأوروبيين في معالجة المشكلات الأمنية.

(17:29) فقر التجربة والعملية السياسية في أمريكا.

(18:38) العسكرية المحضة آيلة للسقوط.

المزيد
Total
0
Shares
السابق
أشرف مروان

لماذا لم يسجل أشرف مروان شهادته على العصر ؟

التالي
عبد الحكيم عامر

لماذا تخلص جمال عبد الناصر من المشير عبد الحكيم عامر ؟

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share