مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي

يناقش اللواء صلاح سليم نائب مستشار المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط والأستاذ بأكاديمية ناصر العسكرية في مصر في حواره مع الإعلامي أحمد منصور في برنامج “بلا حدود”، مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي، و مخططات إسرائيل، وملف العدوان على غزة .
صلاح الدين سليم

يناقش اللواء صلاح الدين سليم نائب مستشار المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط والأستاذ بأكاديمية ناصر العسكرية في مصر في حواره مع الإعلامي أحمد منصور في برنامج “بلا حدود”، مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي، و مخططات إسرائيل، وملف العدوان على غزة .

كما يتحدث عن قضية السلام مع إسرائيل ومدى جدواه، مشدداً على استمرار إسرائيل كمصدر للخطر. وتطرق أيضًا إلى أبعاد المخطط الإسرائيلي الأمريكي، وتساءل عن أسباب عدم تركيز الدول العربية على هذا الخطر..

نص حوار صلاح الدين سليم عن مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي

أحمد منصور: أن إسرائيل تدوس على كل المعاهدات والاتفاقات التي تتم معها، هل التسليم بمشروع سلام وتسوية في المنطقة يمكن أن يجدي مع دولة مثل إسرائيل؟

صلاح الدين سليم: المعاهدات تُبرم لتحترم لفترة ثم تُنقض إذا اختلفت موازين القوى، ولا تستطيع أن تطمئن لأي تعهد سياسي تبرمه مع إسرائيل إلا إذا كانت لديك أدوات الردع وأدوات القوة السياسية التي تفرض على إسرائيل احترام تعهداتها وأود أن أقول شيئاً رمزياً ومحدوداً قد يلفت النظر: الخطين الزرقاوين اللي الموجودين على علم إسرائيل دول بيرمزوا لأيه فوق نجمة داوود وتحتها؟ للنيل والفرات، إحنا كان يجب نطالب بتغيير علم إسرائيل زي ما السلطة الفلسطينية أسقطت من ميثاقها كل البنود اللي بتتعرض لأمن إسرائيل في الحاضر أو المستقبل.

أحمد منصور: إلى أي مدى ستظل إسرائيل تعتبر مصدر خطر وتهديد حقيقي ليس للفلسطينيين وإنما للعرب؟

إسرائيل مصدر خطر حقيقي على العرب

صلاح الدين سليم: الإجابة البسيطة والمباشرة قد تكون أن الصراع العربي – الإسرائيلي ليس مجرد صراع حدود أو قضية لاجئين محدودة، ولكنه صراع وجود، لكنني لن أجيب هذه الإجابة المباشرة مع إنها إجابة صحيحة إلى حد كبير، لأن هناك ثوابت ومتغيرات عالمية متعددة وهناك أوضاع معينة في المنطقة العربية وأوضاع دولية قد تُضطر العرب إلى قبول مرحلة أو فترة يكون فيها هناك نوع من التعايش وفق تسويات سياسية مقبولة لدى الطرفين، وقد تتعقل إسرائيل وقد يجيء جيل يهودي يكون أكثر عقلانية وابتعاداً عن الفطرة الصهيونية، ما علينا. في الوقت الحالي هناك صور حقيقية للتهديد الإسرائيلي، إسرائيل تريد أن تهوِّد الجزء الأكبر من فلسطين، القدس تريد أن تحولها إلى القدس الكبرى تحت السيطرة الصهيونية الكاملة التي تشطر الضفة الغربية لنهر الأردن إلى شطرين منفصلين، تهديد مباشر لجنوب لبنان ولسوريا بالاحتفاظ بجزء كبير من الجولان بدعوى النواحي الأمنية، استنزاف كامل للموارد المائية السورية واللبنانية حجم هذا الاستنزاف لما تحسب المياه السطحية ومياه الأمطار فوق هضبة الجولان يصل إلى حوالي نصف استهلاك إسرائيل من المياه، يُسرق من سوريا ولبنان ومن مياه الحوض الجوفي في داخل فلسطين المحتلة، ليس الأمر هذا فقط ولكن الأطماع إذا قامت دويلة فلسطينية فلتكن منزوعة السلاح، ولتكن مرتبطة اقتصادياً بإسرائيل ارتباطاً كاملاً، ولنفكر في الكونفيدرالية الثلاثية مع الأردن، ولنبني دولة هيمنة في قلب المشرق العربي ونحاول أن ننفتح على تكتلات عربية أخرى كالخليج أو غير ذلك، محاولة بالتنسيق مع الولايات المتحدة وتركيا لإقامة نظام أمني إقليمي في الشرق الأوسط له ترتيبات أمنية مختلفة.

أحمد منصور: تكون فيه أميركا.

صلاح الدين سليم: تمس الحد من السلاح، تمس التطبيع الاقتصادي، علاقات الثقة المتبادلة بغير حدود، الانفتاح والتعاون في كل المجالات: بيئة، تعليم، ثقافة، إلى آخره، وتكون النتيجة والهدف المنشود هو ضرب النظام الإقليمي العربي المتمثل في جامعة الدول العربية التي تعاني -بدون هذا المخطط- من مشاكل كبرى والتي لم تنجح حتى الآن في أن تقوم بتفعيل نفسها كمنظمة إقليمية قوية تُبنى على الأمن الجماعي، على الدفاع المشترك، على التكامل الاقتصادي، تتعثر الوحدة الاقتصادية العربية منذ زمن طويل سبقت في البدايات أوروبا، التي أصبحت الآن أوروبا موحدة، ونحن نتعثر في مناطق تجارة حرة، مش عارف هتخلص سنة كم، ومالناش استراتيجية عربية حتى الآن لإدارة الصراع العربي الإسرائيلي، ما أقدرش أقول إن مبدأ الانسحاب الكامل هيبقى مقابله السلام الشامل، دي مش الاستراتيجية دا (Slogan) دا شعار، الاستراتيجية يعني أيه؟ يعني خطة لها أهداف محددة تنفذ في مراحل معينة وفي توقيتات دقيقة وتكون هناك آليات لتنفيذ هذه الخطة، وتكون هناك موارد، ويكون هناك تقويم ومتابعة لهذه الخطة وتعديلها أولاً بأول، هذه الاستراتيجية العربية غير موجودة فالنهارده إسرائيل بتهدد إذا تحركنا نحو الترتيبات الأمنية الشرق أوسطية أن يتعرض النظام الإقليمي العربي لمزيد من الاهتزاز خصوصاً أن بعض وحدات النظام الإقليمي العربي تخضع لمخاطر شديدة تهددها بالتقسيم كالعراق، كالسودان وغير ذلك.

النظام الأمني العربي

أحمد منصور: سيادة اللواء فيه جزئية مهمة جداً أشرت إليها وهو النظام الأمني الذي يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا ومخاطره على الأمن القومي العربي، أيه أبعاد هذا المخطط أو هذا المشروع؟

صلاح الدين سليم: هذا المشروع يستهدف –كما يقولون- الابتعاد عن الصراعات القومية في المنطقة..

أحمد منصور: مين اللي بيقول؟

صلاح الدين سليم: الصهاينة.. آلة الحرب الصهيونية، الدعايات الصهيونية، منظمات صهيونية في الولايات المتحدة، جانب كبير من بعض القياديين في الإدارة الأميركية الحالية، وفي اللي قبلها محاولة إقامة النظام الأمني الإقليمي في الشرق الأوسط محاولة هناك من يروج لها من فترة، ويتحدث فيها..

أحمد منصور: حتى بالألسنة العربية.

صلاح الدين سليم: هناك بعض الألسنة العربية التي تنطق

أحمد منصور: والأقلام.

صلاح الدين سليم: ما تشحن به

أحمد منصور: والأقلام.

صلاح الدين سليم: إما نتيجة فراغ للمخ، أو نقص الخبرة، أو حباً في المصالح، أو للابتعاد عن مخاطر التهديدات الأميركية، أميركا النهارده عايزة تغير عرفات وعايزة تسقط صدام وأقامت كرزاي مهرج في أفغانستان، فالرغبة في إسقاط بعض النظم بهدف أميركي، تطويع بعض النظم خصوصاً إذا كانت هذه النظم لا تستند إلى ديمقراطية حقيقية وتحظى بالإجماع الشعبي وبالتأييد الشعبي، عشان كده الحقيقة كل تطور ديمقراطي بيحصل في أي بلد عربي حتى لو كان الهامش بتاعه 10% و15% بكرة 20 دا بيضيف للقوى المؤثرة والقوى الشاملة للدولة، فالنظام الآن…

أحمد منصور: لماذا لا تلتفت الدول إلى هذا؟ لماذا تتجه الدول إلى القمع دائماً وإلى إبعاد هامش الديمقراطية وتقزيمه وتحجيمه؟

صلاح الدين سليم: في الواقع…

أحمد منصور: لماذا لا تدرك أن الشعوب هي التي ستدعم الأنظمة وتقف إلى جوارها وليس الولايات المتحدة أو غيرها؟

صلاح الدين سليم: في الواقع الولايات المتحدة كانت بعد أحداث انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك أوروبا الشرقية في نهاية الثمانينيات توقع بعض الكتاب الأميركيين وبعض المخططين الاستراتيجيين الأميركيين، قالوا إن العالم المنطقة اللي هتشهد بطء في التحول الديمقراطي هي المنطقة العربية وحدها، وقالوا العالم كله هيشهد تحسن في اتجاه الديمقراطية بعد انحلال الاتحاد السوفيتي.

أحمد منصور: لماذا؟

صلاح الدين سليم: لكن هم قالوا في نفس الوقت إنه حدثت بعض التغييرات الديمقراطية وذكروا بعض الدول وأمثلتها زي مصر، زي مثلاً في الكويت، ذكروا لبنان، ذكروا أمثلة.. اليمن.. وذكروا برضو بدايات.

أحمد منصور: غير محسوس يعني.

صلاح الدين سليم: آه، قالوا إن فيه بدأ التغيير، في الواقع يعني أنا شايف أن التحول الديمقراطي يجب أن يمضي بصورة أسرع في كل الدول العربية، لأن ده ضمانة قوة وأساس في تعديل معادلات التوازن الاستراتيجي في المنطقة.

التوازن الاستراتيجي بين العرب وإسرائيل

أحمد منصور: سيادتك قلت إن ما فيش أي خطط استراتيجية وعربية، ده شيء خطير للغاية، إن إسرائيل بتضع خطط لمدة 5 سنوات ولـ20 سنة وبتبدأ تعمل خطط حتى للسنة والربع سنة وبتعمل تنفيذ كامل لهذه الخطط، في الوقت الذي لا يوجد فيه عربياً إلا مجرد ردود أفعال ومانشيتات أو شعارات لأشياء لا يوجد وراءها أي بناء، في ظل التهديد الإسرائيلي الخطير الذي أشرت إليه، نريد أن يفهم المشاهد البسيط الآن ما هو مفهوم التوازن الاستراتيجي بين العرب وإسرائيل؟

صلاح الدين سليم: التوازن الاستراتيجي بين أي طرفين.. العرب إسرائيل.. أي طرفين، هو مقارنة بين القدرات المؤثرة للطرفين، القدرات المؤثرة دي مش في المجال العسكري بس، دا في كل مصادر القوة الشاملة للدولة، لو أخذنا المادية منها زي الكتلة الحيوية من سكان الإقليم، زي القدرة العسكرية، القدرة الاقتصادية، القدرة التكنولوجية، القدرة السياسية، أو النواحي المعنوية: إرادة الجماهير، رغبة الجماهير في الصراع، التفافها حوالين القيادة القومية.

أحمد منصور: ممكن تطبق لنا دا بسرعة علينا وعلى إسرائيل.

صلاح الدين سليم: هتكلم في النقط دي، وبعدين الأهداف الاستراتيجية الواضحة، أنت عايز أيه؟ عايز أيه بكرة؟ عايز أيه بعد سنة؟ أيه التخطيط قريب المدى بتاعك في 7، 8 سنين أيه تخطيطك متوسط المدى 15 لـ20 سنة؟ إيه تخطيطك طويل المدى في 30 لـ40؟ ده لازم بيبقى واضح على المستوى الوطني في كل دولة عربية وعلى المستوى القومي، لأن بغير هذا مش هيكون فيه تفعيل لقدرات الدولة الشاملة.

التوازن الاستراتيجي بقى كل عنصر من ديه بيبقى له تقييم رياضي بالمعادلات الرياضية والحسابات، وبحيث أشوف لما أجمع هذه العناصر وفق معادلات رياضية معينة أقدر أقول إن البلد دي أقدر على إدارة الصراع أو دي أضعف، وبعدين مش بس الموارد الشاملة، أنت تقدر تستخدم من مواردك أيه في القتال؟ أضرب مثل، الجولة الأولى.. حرب 48 الجيوش العربية حشدت.. الجيوش العربية كلها حشدت 28 ألف مقاتل، إسرائيل حشدت كام؟ 67، طب فين الموارد بقى؟ وفين الجيوش؟ وفين كثافة العمق العربية؟ وفين حجم جيوش الدول العربية؟ ماذا حشدت للمعركة؟ ثم مين القيادة اللي اخترتها؟ وهل القيادة دي اللي كانت منسقة مع العدو الصهيوني في مراحل معينة من العمليات، أم كانت مخلصة للمصالح القومية؟ في حرب 67 وقعنا نحن في خطأ في حرب 67، كانت لنا في اليمن 3 فرق بمعاونتها التكتيكية والإدارية أكثر من 70 ألف جندي، ودخلنا حرب في سيناء، دا الولايات المتحدة بجلالة قدرها وقوة عظمى وسيدة الهيمنة وإمبراطورة الشر وكل حاجة، الولايات المتحدة بتقول أنا لا أستطيع أن أخوض حربين إقليميتين في وقت واحد، أخوض حرب ونصف، بعد ما أخلص من أفغانستان والحاجات الصغيرة اللي موجودة في الصومال وفي الفلبين وفي جورجيا ومش عارف فين وفين، أبقى أفكر في حرب إقليمية واسعة النطاق ضد العراق وأحقق حشد لي ولغيري، فإحنا وقعنا في حرب في مكانين، فلم نستطع أن نستخدم قوتنا المؤثرة لكي ندير الحرب في 67 دفاعاً عن أرضنا بعد غزو إسرائيل.

فالتوازن الاستراتيجي كمان له البعد التكنولوجي اللي هو الولايات المتحدة بتتدخل للحفاظ لإسرائيل بالتفوق التقني…

أحمد منصور: شيء من ثوابت أميركا.

صلاح الدين سليم: لازم يبقى عندك تقدر تصنع سلاحك، (نهرو) زمان قال: إن اللي ما بيملكش غذاؤه ما بينتجوش مش هيبقى له استقلال للقرار السياسي ولا الاقتصادي”، دلوقتي مش بس الموضوع الخبز بس، الخبز والسلاح والطاقة، املك السيطرة على التلاتة دول قبل ما تفكر في استعادة حقوقك القومية أو الوطنية أو ممارسة دور سياسي، فقدرتك التكنولوجية على إنك تصنع آلات مصانع، تنتج محركات، تعمل خطوط لتطوير التكنولوجيا، تعمل صناعات بتروكيماوية متقدمة ندخل مجالات الصناعات الهندسية والإلكترونية المتقدمة، كل الكلام دا تبني إنتاج حربي متطور وتقدر بتعمل تعاون إقليمي في اتجاهه، وبعدين لازم اقتصادك يبقى قوي، ما تجيش تطالب أي دولة عربية النهارده وتقول لها ادخلي بقى في الحرب أو تنسق دولتين ثلاثة من دول الطوق ويجب أن تنقذوا فلسطين، لأ الكلام دا محتاج إعداد، ومحتاج إنك أنت تبني قدرات اقتصادية قوية، اقتصاد الحرب لازم يبقى فيه احتياطات استراتيجية لكل موارد البلد، إعداد للدولة للدفاع زي ما عملت مصر في حرب 73، ولو وُجد الإرادة السياسية القوية والتصميم الشعبي.. الإعداد دا ممكن ما يأخذش وقت طويل.

أحمد منصور: ما هي دي نقطة مهمة

صلاح الدين سليم: دا الإعداد.. إحنا هزمنا في 5 يونيو 67، في 6 أكتوبر 73 كان الانتصار المصري العظيم.

أحمد منصور: 6 سنوات.

صلاح الدين سليم: 6 سنوات، لكن كان فيه تصميم على إعطاء كل الإمكانيات وتوظيفها من أجل المواجهة، وصبر الشعب المصري وعانى خلال هذه الفترة من مصاعب اقتصادية كثيرة، وهذا هو المطلوب أن يفهم عربياً..

أحمد منصور: يعني الآن لو توفرت إرادة سياسية حقيقية ولو توفر جهد شعبي كبير خلال 5 سنين ممكن العالم العربي يتغير شكله.

صلاح الدين سليم: طبعاً.

أحمد منصور: ليس من خلال سنوات طويلة.

صلاح الدين سليم: بس مش دولة واحدة الكلام ده ولا دولتين ولا ثلاثة لازم.. مش هأقول كل الدول العربية علشان ما أبقاش رجل نظري، لكن لازم يبقى فيه مجموعة من الدول العربية حتى لو ما كانتش قادرة تشتغل في إطار جامعة الدول العربية لازم يتعمل تنسيق استراتيجي.

أحمد منصور: ممكن.

صلاح الدين سليم: خطوة كويسة إنك فكرت في محور القاهرة الرياض دمشق، عززه ونميه وقويه وضم له أطراف أخرى، يجب إن إحنا تعرف

أحمد منصور: إحنا عندنا خريطة بتبين المحور دا المشاهد أيضاً يفهم ويدرك إنه ممكن هذه المجموعة من الدول تشكل كماشة قوية وأيضاً بتكاملها المختلف يمكن أن تصبح الصورة، تفضل سيادة اللواء، جاهزة الخريطة الآن.

أحمد منصور: ثانياً: أن إسرائيل تدوس على كل المعاهدات والاتفاقات التي تتم معها، هل التسليم بمشروع سلام وتسوية في المنطقة يمكن أن يجدي مع دولة مثل إسرائيل؟

صلاح الدين سليم: المعاهدات تُبرم لتحترم لفترة ثم تُنقض إذا اختلفت موازين القوى، ولا تستطيع أن تطمئن لأي تعهد سياسي تبرمه مع إسرائيل إلا إذا كانت لديك أدوات الردع وأدوات القوة السياسية التي تفرض على إسرائيل احترام تعهداتها وأود أن أقول شيئاً رمزياً ومحدوداً قد يلفت النظر: الخطين الزرقاوين اللي الموجودين على علم إسرائيل دول بيرمزوا لأيه فوق نجمة داوود وتحتها؟ للنيل والفرات، إحنا كان يجب نطالب بتغيير علم إسرائيل زي ما السلطة الفلسطينية أسقطت من ميثاقها كل البنود اللي بتتعرض لأمن إسرائيل في الحاضر أو المستقبل.

مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي

أحمد منصور: إلى أي مدى ستظل إسرائيل تعتبر مصدر خطر وتهديد حقيقي ليس للفلسطينيين وإنما للعرب؟

صلاح الدين سليم: الإجابة البسيطة والمباشرة قد تكون أن الصراع العربي – الإسرائيلي ليس مجرد صراع حدود أو قضية لاجئين محدودة، ولكنه صراع وجود، لكنني لن أجيب هذه الإجابة المباشرة مع إنها إجابة صحيحة إلى حد كبير، لأن هناك ثوابت ومتغيرات عالمية متعددة وهناك أوضاع معينة في المنطقة العربية وأوضاع دولية قد تُضطر العرب إلى قبول مرحلة أو فترة يكون فيها هناك نوع من التعايش وفق تسويات سياسية مقبولة لدى الطرفين، وقد تتعقل إسرائيل وقد يجيء جيل يهودي يكون أكثر عقلانية وابتعاداً عن الفطرة الصهيونية، ما علينا. في الوقت الحالي هناك صور حقيقية للتهديد الإسرائيلي، إسرائيل تريد أن تهوِّد الجزء الأكبر من فلسطين، القدس تريد أن تحولها إلى القدس الكبرى تحت السيطرة الصهيونية الكاملة التي تشطر الضفة الغربية لنهر الأردن إلى شطرين منفصلين، تهديد مباشر لجنوب لبنان ولسوريا بالاحتفاظ بجزء كبير من الجولان بدعوى النواحي الأمنية، استنزاف كامل للموارد المائية السورية واللبنانية حجم هذا الاستنزاف لما تحسب المياه السطحية ومياه الأمطار فوق هضبة الجولان يصل إلى حوالي نصف استهلاك إسرائيل من المياه، يُسرق من سوريا ولبنان ومن مياه الحوض الجوفي في داخل فلسطين المحتلة، ليس الأمر هذا فقط ولكن الأطماع إذا قامت دويلة فلسطينية فلتكن منزوعة السلاح، ولتكن مرتبطة اقتصادياً بإسرائيل ارتباطاً كاملاً، ولنفكر في الكونفيدرالية الثلاثية مع الأردن، ولنبني دولة هيمنة في قلب المشرق العربي ونحاول أن ننفتح على تكتلات عربية أخرى كالخليج أو غير ذلك، محاولة بالتنسيق مع الولايات المتحدة وتركيا لإقامة نظام أمني إقليمي في الشرق الأوسط له ترتيبات أمنية مختلفة.

أحمد منصور: تكون فيه أميركا.

صلاح الدين سليم: تمس الحد من السلاح، تمس التطبيع الاقتصادي، علاقات الثقة المتبادلة بغير حدود، الانفتاح والتعاون في كل المجالات: بيئة، تعليم، ثقافة، إلى آخره، وتكون النتيجة والهدف المنشود هو ضرب النظام الإقليمي العربي المتمثل في جامعة الدول العربية التي تعاني -بدون هذا المخطط- من مشاكل كبرى والتي لم تنجح حتى الآن في أن تقوم بتفعيل نفسها كمنظمة إقليمية قوية تُبنى على الأمن الجماعي، على الدفاع المشترك، على التكامل الاقتصادي، تتعثر الوحدة الاقتصادية العربية منذ زمن طويل سبقت في البدايات أوروبا، التي أصبحت الآن أوروبا موحدة، ونحن نتعثر في مناطق تجارة حرة، مش عارف هتخلص سنة كم، ومالناش استراتيجية عربية حتى الآن لإدارة الصراع العربي الإسرائيلي، ما أقدرش أقول إن مبدأ الانسحاب الكامل هيبقى مقابله السلام الشامل، دي مش الاستراتيجية دا (Slogan) دا شعار، الاستراتيجية يعني أيه؟ يعني خطة لها أهداف محددة تنفذ في مراحل معينة وفي توقيتات دقيقة وتكون هناك آليات لتنفيذ هذه الخطة، وتكون هناك موارد، ويكون هناك تقويم ومتابعة لهذه الخطة وتعديلها أولاً بأول، هذه الاستراتيجية العربية غير موجودة فالنهارده إسرائيل بتهدد إذا تحركنا نحو الترتيبات الأمنية الشرق أوسطية أن يتعرض النظام الإقليمي العربي لمزيد من الاهتزاز خصوصاً أن بعض وحدات النظام الإقليمي العربي تخضع لمخاطر شديدة تهددها بالتقسيم كالعراق، كالسودان وغير ذلك.

أحمد منصور: سيادة اللواء فيه جزئية مهمة جداً أشرت إليها وهو النظام الأمني الذي يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا ومخاطره على الأمن القومي العربي، أيه أبعاد هذا المخطط أو هذا المشروع؟

صلاح الدين سليم: هذا المشروع يستهدف –كما يقولون- الابتعاد عن الصراعات القومية في المنطقة..

أحمد منصور: مين اللي بيقول؟

صلاح الدين سليم: الصهاينة.. آلة الحرب الصهيونية، الدعايات الصهيونية، منظمات صهيونية في الولايات المتحدة، جانب كبير من بعض القياديين في الإدارة الأميركية الحالية، وفي اللي قبلها محاولة إقامة النظام الأمني الإقليمي في الشرق الأوسط محاولة هناك من يروج لها من فترة، ويتحدث فيها..

أحمد منصور: حتى بالألسنة العربية.

صلاح الدين سليم: هناك بعض الألسنة العربية التي تنطق

أحمد منصور: والأقلام.

صلاح الدين سليم: ما تشحن به

أحمد منصور: والأقلام.

صلاح الدين سليم: إما نتيجة فراغ للمخ، أو نقص الخبرة، أو حباً في المصالح، أو للابتعاد عن مخاطر التهديدات الأميركية، أميركا النهارده عايزة تغير عرفات وعايزة تسقط صدام وأقامت كرزاي مهرج في أفغانستان، فالرغبة في إسقاط بعض النظم بهدف أميركي، تطويع بعض النظم خصوصاً إذا كانت هذه النظم لا تستند إلى ديمقراطية حقيقية وتحظى بالإجماع الشعبي وبالتأييد الشعبي، عشان كده الحقيقة كل تطور ديمقراطي بيحصل في أي بلد عربي حتى لو كان الهامش بتاعه 10% و15% بكرة 20 دا بيضيف للقوى المؤثرة والقوى الشاملة للدولة، فالنظام الآن…

أحمد منصور: لماذا لا تلتفت الدول إلى هذا؟ لماذا تتجه الدول إلى القمع دائماً وإلى إبعاد هامش الديمقراطية وتقزيمه وتحجيمه؟

صلاح الدين سليم: في الواقع…

أحمد منصور: لماذا لا تدرك أن الشعوب هي التي ستدعم الأنظمة وتقف إلى جوارها وليس الولايات المتحدة أو غيرها؟

صلاح الدين سليم: في الواقع الولايات المتحدة كانت بعد أحداث انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك أوروبا الشرقية في نهاية الثمانينيات توقع بعض الكتاب الأميركيين وبعض المخططين الاستراتيجيين الأميركيين، قالوا إن العالم المنطقة اللي هتشهد بطء في التحول الديمقراطي هي المنطقة العربية وحدها، وقالوا العالم كله هيشهد تحسن في اتجاه الديمقراطية بعد انحلال الاتحاد السوفيتي.

أحمد منصور: لماذا؟

صلاح الدين سليم: لكن هم قالوا في نفس الوقت إنه حدثت بعض التغييرات الديمقراطية وذكروا بعض الدول وأمثلتها زي مصر، زي مثلاً في الكويت، ذكروا لبنان، ذكروا أمثلة.. اليمن.. وذكروا برضو بدايات.

أحمد منصور: غير محسوس يعني.

صلاح الدين سليم: آه، قالوا إن فيه بدأ التغيير، في الواقع يعني أنا شايف أن التحول الديمقراطي يجب أن يمضي بصورة أسرع في كل الدول العربية، لأن ده ضمانة قوة وأساس في تعديل معادلات التوازن الاستراتيجي في المنطقة.

مسؤولية مصر

أحمد منصور: سيادة اللواء كثير من المحللين والمراقبين في هذا الإطار يحملون مصر المسؤولية باعتبارها الدولة الرائدة، يحملوها جانباً كبيراً من المسؤولية ويقولون إنه لم تتحقق إرادة عربية حقيقية ولم يتحقق تخطيط استراتيجي عربي حقيقي بدون دور مصري رائد، ما هو الدور المصري الواجب في هذه المرحلة؟

صلاح الدين سليم: الدور المصري لم يتخاذل يوماً ما ثق في هذا، لكن هناك أمور قد تضع قيوداً على ما يتم سواء كان علانية أم سراً، وكذلك هناك أمور ومتغيرات دولية وإقليمية تفرض حدوداً لاستخدام القوة المصرية، ولم تستطيع مصر أن تمارس دورها القيادي والطبيعي إلا إذا كان هناك تسليم بهذا الدور من الدول المعنية والتي تعاني من تهديدات حقيقية لأمنها سواء بفعل الصهيونية أو بفعل الهيمنة الأميركية أو بفعل أي مصادر تهديد أخرى، ولابد أن يكون هناك جهد عربي منسق في كل المجالات، اقتصادياً وعسكرياً وغيره

أحمد منصور: إحنا لو..

صلاح الدين سليم: في الإنتاج الحربي، فيه 3 دول عربية دخلت معانا عشان تعمل الهيئة العربية للتصنيع، انسحبت من الهيئة العربية للتصنيع ليه؟ دا مش إجراء عملي؟ أم إجراء نوايا؟ انسحبت.. لماذا انسحبت، ونحن نريد أن نبني قاعدة قوية للإنتاج الحربي، ومصر تتحمل وحدها تشغيل هذه الهيئة وقدرت إنها تصنع الدبابات والمدافع دلوقتي وغيره، طيب ما يعني ليه نبعد؟ مش بس الأمر كده، اتفاقية الدفاع المشترك ككل، وأنت تطالب من مصر أنها تتحمل مسؤولية، أين اتفاقية الدفاع المشترك؟ اللي قام بتفعيل هذه الاتفاقية فعلاً هي مصر وسوريا في حرب 73، وخاض البلدان حرباً استطاعا فيها الانتصار على إسرائيل، أين اتفاقية الدفاع المشترك؟ في إطار جامعة الدول العربية؟ مجمدة…

أحمد منصور: حبر على ورق.

صلاح الدين سليم: العمل يجب أن يكون على المستوى القومي والمنسق، ومصر عارفة مسؤوليتها التاريخية وعارفة دورها وعارفة مصر إن الحرب لن تتم إلا بها، ولن يُنجز السلام إلا بها، والشعب المصري يملك هذا التصميم والقيادة المصرية واعية، وحاربت إسرائيل قبل ذلك.

أحمد منصور: لكن..

صلاح الدين سليم: ومن يحارب إسرائيل ويعرف كيف يدير الصراع معها ويوجه إليها الضربات، يعرف أيضاً كيف يتصدى للخطر الصهيوني عندما يتجاوز مداه، وأعتقد أن مصر –حتى إدارة الأزمة الحالية- استطاعت أن تمنع تطور عملية الجدار الواقي إلى أبعاد أخطر، ولكن المطلوب الآن ضغوط فعلية لا تمارسها مصر وحدها،

فهرس موضوعات حوار صلاح الدين سليم

00:00 السلام مع إسرائيل وعدم جدواه

00:58 إلى أي مدى ستظل إسرائيل مصدر خطر

05:11 أبعاد المخطط الإسرائيلى الأمريكى

06:56 لماذا لا تلتفت الدول إلى هذا الخطر

08:14 عدم وجود خطط استراتيجية عربية فى ظل التهديد الإسرائيلي

13:25 ماذا لو توفرت إرادة سياسية حقيقة فى العالم العربى؟

16:55 الحديث عن أميركا كحليف لإسرائيل والعلاقة التبعية مع الأنظمة العربية

20:09 تحميل مصر للمسؤولية وما هو الدور المصرى؟

المزيد
Total
0
Shares
السابق
أمين الحافظ

إعدام الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين

التالي
بودكاست أحمد منصور

نبوءات يهودية بنهاية إسرائيل

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share