النظام الذي يسعى الغرب لإقامته في سوريا

لا توجد أخلاق لدى الغرب، وحينما يكون المسلمون طرفا في أي مسألة يجتمع لدى الغرب انعدام الأخلاق مع الأحقاد واللؤم ، فتتشكل المواقف الحقيقية للدول الغربية من القضايا المصيرية للأمم والشعوب العربية والإسلامية منذ دخولها مرحلة الضعف والتفكك التي بدأت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وانتهت بسقوط الدولة العثمانية في الربع الأول من القرن العشرين، ثم تبعتها مراحل التفكك والتشرذم والدويلات والحربين العالميتين التي انقسم العالم العربي بعد كل منهما إلى أجزاء صغيرة يسهل التحكم فيها وفيمن يحكمها، وبعد الحرب العالمية الثانية أصبح الغرب يتحكم في النفط ويحمي إسرائيل التي زرعها في قلب المنطقة حتى تحمي مصالحه ويحميها حتى أن حجم ما أنفقته الولايات المتحدة على إسرائيل منذ قيامها وحتى الآن بخلاف ما أنفقته الدول الغربية الأخرى يصل إلى ما يقرب من تريليون دولار.
الغياب الأخلاقي الغربي مع الحقد كان واضحا في حرب أفغانستان بشكل كبير حيث أباد السوفيت معظم مقدرات البلاد وقتل ما يزيد على مليون أفغاني ولم يتحرك الغرب بشكل جدي لوقف الحرب لأن المتضررين كانوا مسلمين وحتى الآن لم تستقر الأوضاع بها رغم مرور ما يزيد على ثلاثين عاما منذ بداية الحرب ثم جاؤوا في النهاية بدمية سياسية وضعوها ليديروا من خلالها البلاد ، ثم في الصومال حيث لم تشهد البلاد أي شكل من أشكال الأستقرار منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي وبعد حروب دموية لم تتوقف حتى الآن انقسمت البلاد إلى دويلات صغيرة وصراعات عرقية دموية لا نهاية لها، وكان حقد الغرب أوضح في حرب البوسنة والهرسك حيث كان المسلمون الضحايا الأساسيين ثم أقام الغرب بعد سنوات من الحرب نظاما يقوم على المحاصصة أيضا بحيث لا يكون لأحد الحكم والغلبة ويكون المسلمون هم الأكثر خسارة وضعفا من خلال النظام السياسي الذي وضعته الدول الغربية في البوسنة والذي شبههه الرئيس البوسني الراحل على عزب بيجوفيتش قائلا إنه «خيار بين السرطان أو ورم الدماغ الخبيث» ثم ازداد وضوحا في حصار العراق وإسقاط صدام حسين وإنشاء نظام يقوم أيضا على المحاصصة الطائفية، وهذا ما يسعى الغرب لإقامته الآن في سوريا ، حيث يكتفي الغرب بمشاهدة نظام الأسد وهو يبيد كل يوم كل أشكال الحياة في سوريا، بينما المقاومة السورية تعتمد على ما تحصل عليه من سلاح من أيدي العدو أو ما يتم تصنيعه يدويا، وحجة الغرب في عدم تسليح المقاومة هو خوفه من أن يقع السلاح في أيدي المتطرفين، وهذه حجة واهية لأن الغرب بدأ يتحرك حينما وجد أن موازين القوى بدأت تميل لصالح المقاومة، فأخذ يفكر في صناعة أشكال سياسية تمكنه من السيطرة على سوريا بعد سقوط نظام الأسد في سعي لتقوية فئة على أخرى أو تسليح ما يدعي أنهم معتدلون مقابل ما يطلق عليهم اسم المتطرفين الإسلاميين، وهلم جرا، ولعل الاستقالة المدوية التي أطلقها رئيس الائتلاف السوري معاذ الخطيب يوم الأحد الماضي معللا أسبابها بصمت العالم على ما يحدث للشعب السوري من مذابح دموية، تدين ذلك السلوك غير الأخلاقي الذي يتبعه المجتمع الغربي تجاه ما يحدث للشعب السوري.
سياسة الغرب غير الأخلاقية تجاه سوريا تقوم على الإنهاك لكل الأطراف، واستنزاف القوى بحيث تأتي كل الأطراف في النهاية متعبة منهكة لا تملك الأوراق التي تفرضها على الأرض هنا تظهر أخلاقيات الغرب الغائبة ويسعى لتشكيل نظام سياسي يقوم على المحاصصة تماما مثل النظام في البوسنة والهرسك والنظام في العراق والنظام في لبنان، يضمن من خلال هذه المحاصصة نظاما يقوم على الصراع الداخلي وتبقى إسرائيل في أمان محاطة بأنظمة قائمة على المحاصصة لا تهدد أمنها ولا تشكل خطرا على وجودها، بينما يكون الغرب هو الملجأ دائما للأطراف التي دخلت في المحاصصة، وسوريا بها طوائف كثيرة وإن كان السنة هم الأغلبية لكن لا يمنع الأمر من تقليم أظافر السنة وأقامة نظام يعجز أحد على أن يكون المتحكم في سياسته ومساراته، هذا سر صمت الغرب تجاه ما يحدث في سوريا وهذا هو السيناريو الذي يعده للنظام الجديد هناك حالما يسقط نظام الأسد لكن الأقدار تأتي دائما بما تريد، والشعب السوري الذي يبذل دماءه في سبيل تحرير بلاده هو الذي سيقرر مصيره.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

القلق العربي على مصر

التالي

العرب يسقطون نظام الأسد

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share