اختطاف الجيش المصري

لم يكن للانقلاب الدموي الذي قام به الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري في الثالث من يوليو الماضي ان ينجح دون سند اعلامي قوي يروج للانقلاب ويزين افعال الانقلابيين بما فيها القتل والاعتقال وممارسة شتى انواع القمع ، وقد كشف الانقلاب سر السماح للفضائيات المصرية الخاصة المملوكة لرجال الاعمال ان تمارس طيلة عام من حكم الرئيس مرسي التضليل ضد مرسي وحكومته وكل ما يقوم به ومنح الاعلاميين الذين يعملون بها رواتب وامتيازات مالية غير مسبوقة في العالم وتتجاوز كل ما تعارفت عليه وسائل الاعلام حتى الخليجية منها حتى ينفذوا كل ما يطلب منهم من تشويه وتدمير واغتيال معنوي وسياسي واخلاقي وكل ما يطلبه الانقلابيون منهم ليس الآن ولكن منذ ادارة ملفات البلاد من قبل المخابرات العسكرية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير ، ورغم قناعتنا ان مرسي قد اخطأ وقد كتبت عشرات المقالات انتقده خلال فترة حكمه بل انه اعترف بالخطأ الا انه لم يمارس شيئا من الجرائم التي قام به الانقلابيون والتي تجاوزت كل اشكال الانحطاط الانساني على مر التاريخ، فلم يكتف الانقلابيون بالقتل بل قاموا بحرق الجثث ومنع دفنها ومساومة الاهالي على ان يوقعوا على تقارير بان ابناءهم قد انتحروا حتى يسلموهم جثثهم او يتركوها تتحلل في المساجد او المشارح التي لا تصلح لحفظ اجساد الحيوانات فضلا عن الآدميين ، وربما تكون هذه المرة الاولى في تاريخ الشعب المصري ان يرى قواته المسلحة التي عليها ان تحميه تصوب اسلحتها الى صدره وتمارس القتل من الدبابات والمدرعات لمدنيين عزل كانوا يرفعون ايديهم او يلوحون بالقمصان البيضاء في الهواء ثم نجد الرصاص ينهمر عليهم فيسقطون على الارض وكأنهم امام جيش اعدائهم وليس جيش بلادهم.
لقد اختطف الانقلابيون الجيش المصري وسخروه لتحقيق مآربهم واهدافهم وغيروا من عقيدته القتالية لان عقيدة الجيوش القتالية في كل الدنيا لم تقم في يوم من الايام على توجيه سلاحها لشعبها او ابناء وطنها، ولكن عقيدة الجيوش القتالية موجهة دائما الى اعدائها، وان الانحراف بعقيدة الجيش المصري بهذه الطريقة هو جريمة وخيانة، وهي تتكرر خلال الخمسين عاما الماضية للمرة الثانية، لقد سبق وان اختطف عبد الحكيم عامر الجيش المصري بعد خلافه مع عبد الناصر في العام 1962 فاضطر عبد الناصر ان يترك له الجيش يديره كيفما يشاء وقد استخدم عبد الحكيم الجيش في السيطرة على كافة اركان الدولة في داخل مصر حتى كانت الشرطة العسكرية تعبث في كل اركان البلاد وتدير كل مؤسسات الدولة حتى النقل الداخلي، واصبحت مصر كلها بجيشها وكأنها عزبة لدى عبد الحكيم عامر وضباط الجيش كأنهم عمال لديه يمنح هذا الامتيازات وهذه الهبات وكل حسب ولائه وطاعته وخضوعه، والنتيجة كانت معروفة من خلال الهزيمة النكراء التي تعرضت لها الامة العربية كلها في العام 1967، ان جيش مصر هو جيش الامة العربية كلها، وليس جيش مصر وحدها ولذلك كانت هزيمة العام 1967 هزيمة للعرب جميعا، وبالتالي فان اختطاف الجيش المصري من قبل القيادات العسكرية الحالية وتوجيه اسلحته لصدور الشعب المصري في الوقت الذي يقومون فيه بتأمين العدو الاسرائيلي هو خيانة كاملة الاركان من قبل القيادات العسكرية، فضلا عن الجرائم التي ارتكبت بعد ذلك بدءا من الانقلاب العسكري وحتى الجرائم والمذابح التي ترتكب كل يوم، لقد أصبت بالصدمة التي اصيب بها كل انسان حر في انحاء العالم حينما شاهدنا مدرعات الجيش المصري وجنوده يفتحون النار على مصريين مسالمين في القاهرة والاسكندرية والاسماعيلية واسيوط واسوان ومعظم مدن مصر الأخرى ورأينا المصريين يسقطون مضرجين بدمائهم بيد ابنائهم، وهذه ليست جريمة واحدة وانما هي جرائم متعددة متكاملة الاركان على رأسها اختطاف الجيش المصري.
الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

أيام مصر الدامية

التالي

تدمير الجيش المصري

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share