تفجيرات «1954» و«2014» بين عبد الناصر والسيسي

حينما سعى اليهود لاقامة وطن قومي لهم في فلسطين ونجحوا في استصدار قرار من الأمم المتحدة بذلك كانت مشكلتهم الأساسية كيف يقومون بإقناع يهود العالم أن يتركوا أوطانهم ويهاجروا إلى فلسطين، فقاموا بأشياء كثيرة كان من أهمها القيام بتفجيرات في أماكن تجمع وإقامة اليهود في الدول الأوربية حتى يشعروهم بأنهم مستهدفون وأن أمانهم في إسرائيل ونفس الشيء عزموا على القيام به في مصر لكن السلطات المصرية اكتشفت الأمر وعرفت هذه القضية باسم فضيحة لا فون نسبة لوزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك بنحاس لافون.
الفكرة نفسها نفذت في مصر حسبما ورد في مذكرات زكريا محيي الدين عضو مجلس قيادة الثورة التي صدرت تحت عنوان «الآن أتكلم» وعبد اللطيف البغدادي عضو مجلس قيادة الثورة في مذكراته التي صدرت في جزأين عن المكتب المصري الحديث والرئيس محمد نجيب أول رئيس لمصر ورئيس مجلس قيادة الثورة، لكن الذي قام بها ونفذها هو جمال عبد الناصر حينما خرجت جموع المصريين تنادي بالديمقراطية وعودة العسكر إلى الثكنات فيما عرف بأزمة مارس 1954 وقعت بعض التفجيرات لاخافة الشعب من الديمقراطية حسب مخطط عبد الناصر وتجعله يدرك أن الديمقراطية معناها الفوضى، يقول الرئيس محمد نجيب في مذكراته التي صدرت تحت عنوان «كنت رئيسا لمصر» «وقعت ستة انفجارات في ذلك اليوم، لكن في أماكن متفرقة منها السكة الحديد والجامعة وجروبي، ولم يقبض على الفاعل، وقد عرفت بعد سنوات أن هذه الانفجارات كانت بتدبير من جمال عبد الناصر، كما اعترف البغدادي في مذكراته، وذلك لإثبات أن الأمن غير مستقر ولابد من العودة بالبلاد إلى الحالة غير العادية».
ويكمل الرئيس نجيب قائلا «وأنا في الحقيقة شممت هذه الرائحة القذرة في اجتماع اليوم التالي، فقد تعالت الصيحات التي تطالب بالضرب على أيدي المخربين، وقلت لهم صراحة أقرب للاتهام : لا يوجد صاحب مصلحة في التخريب إلا هؤلاء الذين يبتغون تعطيل مسار الشعب إلى الديمقراطية».
ويضيف خالد محيي الدين في مذكراته مع هذه الرواية أن عبد الناصر أخبره أنه هو الذي نظم إضراب العمال الشهير الذين خرجوا ينادون بسقوط الديمقراطية وسقوط الدستور وسقوط المتعلمين في شهر مارس وأبلغ عبد الناصر خالد محيي الدين أن هذا الإضراب كلفه أربعة آلاف جنيه في ذلك الوقت، أما البغدادي فقد أضاف في مذكراته حينما تحدث عن هذه الرواية أن عبد الناصر أبلغه هو وكمال الدين حسين وحسن إبراهيم أنه دبر هذه التفجيرات لإثارة مخاوف الناس من الديمقراطية وللإيحاء بأن الأمن سيهتز وأن الفوضى ستسود إذا مضوا في طريق الديمقراطية. وبما أن الفريق عبد الفتاح السيسي يقرأ من كتاب عبدالناصر ويطبقه بل ويتفوق عليه بكثير، فإن التفجيرات التي وقعت أمام مديرية أمن المنصورة ومديرية أمن القاهرة تصب في نفس الإطار لأن كثيرا من الخبراء أكدوا أن الجهة الوحيدة التي تملك الإمكانات لتنفيذ هذه هي المخابرات الحربية، وحينما وقع تفجير المنصورة قتل فيه بعض الضباط فغضب ضباط الداخلية لذلك نجد التفجير الثاني لم يمت سوى بعض الجنود البسطاء وكل التفجيرات تقريبا لا يموت فيها إلا الجنود البسطاء، فهل نحن على أعتاب مسلسل جديد من التفجيرات لترسيخ حقبة حالكة من الاستبداد؟

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

الرقص على دماء الشعب

التالي

«700» مفقود مصري من يناير «2011» !!

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share