من طائرة عمر سليمان إلي طائرة زامبيا !

في أعقاب عزل حسني مبارك عن السلطة في مصر في ١٢  فبراير 2011 جراء ثورة 25 يناير، هبطت طائرة خاصة – أقلعت من شرم الشيخ – في مطار أبو ظبي، كان على متنها شريك مبارك الملياردير الغامض حسين سالم. فاحتجزتها السلطات الإماراتية بعدما وجدت – على متنها – رفقة حسين سالم صناديق تحوي 450 مليون يورو نقداً.

رجل الأعمال حسين سالم

 ولم  يكن اعتراض السلطات هناك على وصول حسين سالم، حتى ولو كان معه مليارات الدولارات، فالإمارات معروفة على مستوى العالم بهذه الأمور،  ولكن السبب الحقيقي أنه لم يتم إخطارهم قبل وصوله، لعمل الترتيبات اللازمة.

 رغم ذلك لم يبقى حسين سالم كثيراً في مطار أبو ظبي، فسرعان ما أجرى اتصالاته، وقام  مدير المخابرات المصرية آنذاك عمر سليمان – الذي قتل في ظروف غامضة في ١٩ يوليو ٢٠١٢ – بالتواصل مع السلطات الإماراتية، وخرج حسين سالم مع الأموال التي برفقته.

طائرة زامبيا

 تذكرت هذه القصة الموثقة من عدة مصادر، حينما تابعت قصة طائرة زامبيا من عدة مصادر أيضاً، من أهمها منصة ” متصدقش ” التي نجح صحفيوها في صناعة المصداقية لهم وللصحفيين المصريين المحترفين في فترة وجيزة، من خلال نهجهم الفريد في صحافة التحقيقات والصحافة الاستقصائية التفسيرية نادرة الوجود في العالم العربي.

من خلال ما نُشر  نستطيع أن ندرك  أن العصابات التي تنهب مصر وخيراتها تمارس النهب بفجور وبشاعة ليس الآن فقط، ولكن منذ أن عرض جمال عبد الناصر علي الرئيس محمد نجيب ـ كما ذكر محمد نجيب في مذكراته ـ أربعة عشرة ألفاً، و عشرة آلاف جنيه، يتم توزيعها علي كل عضو من أعضاء مجلس قيادة الثورة بعد انقلاب يوليو ١٩٥٢، وحينما غضب نجيب أجابه عبد الناصر بخباثته المعروفة، بأنه كان يختبره، هل يقبل الحصول علي هذا المبلغ أم لا ؟!. أما الكتب والقصص التي كتبت عن مجوهرات العائلة الملكية المصرية وما فعله الضباط بها فهي كفيلة لتقودنا إلي ما وصلت إليه مصر اليوم.

هناك عشرات الطائرات الخاصة  تقلع وتهبط ولا يعرف أحد محتوياتها، إلا إذا قام المخلصون من أبناء الوطن بالإبلاغ أو النشر عنها.

عمر سليمان

واللافت أن طائرة عمر سليمان، و طائرة زامبيا، Gulfstream G550 التي هبطت في مطار كينيث كاوندا يوم 13 أغسطس الجاري ليست الوحيدة في هذا الإطار. فهناك عشرات الطائرات الخاصة  تُقلع وتهبط ولا يعرف أحد محتوياتها، إلا إذا قام المخلصون من أبناء الوطن بالإبلاغ أو النشر عنها. كما أن الغموض الذي يحيط برحلات طائرة زامبيا التي أقلعت من مطارات مصرية في رحلات ذهاب وإياب أكثر من 125 مرة خلال الفترة الماضية، ولا يعلم أحد ماذا تحمل، يؤكد أن هناك طائرات أخرى كثيرة تقوم بنفس المهام. فهي طائرات عصابة علي بابا، أما المعلومات التي نشرت عن المصريين الستة الذين كانوا على متن الطائرة وأنشطتهم السابقة والتي لم تكن سوى غطاء للعصابات التي تقوم بالسلب والنهب فهي تشير – أيضاً – إلى أن القصة أكبر بكثير من ملايين الدولارات أو الذهب أو السلاح الذي كان على متن الطائرة.

منع النشر واعتقال الصحفيين الذين فتحوا هذا الملف يؤكد أن هناك رؤوساً كبيرة متورطة، ويرسخ أهمية الصحافة التفسيرية وصحافة التحقيقات

صحافة التحقيقات

 هؤلاء الستة نُسبت لهم مشروعات بمليارات الدولارات داخل مصر وخارجها، وكلهم لهم ارتباطات رسمية أو شبه رسمية، إن لم يكونوا في وظائف رسمية. كما أن منع النشر واعتقال الصحفيين الذين فتحوا هذا الملف يؤكد أن هناك رؤوساً كبيرة متورطة، ويرسخ أهمية الصحافة التفسيرية وصحافة التحقيقات التي تحتاج إلي صحفيين وطنيين مخلصين همهم الأساسي هو تقديم الحقيقة للناس. وهذه هي مهمة الصحافة الأساسية.

 لقد نجحت الأنظمة الفاسدة في صناعة جيوش من الصحفيين المرتزقة، لكن صحفيا واحداً وطنياً مخلصاً نظيفاً يصعب شراؤه، يستطيع أن يهدد منظومة كاملة من الفاسدين بالسقوط. كما أن كشف هذه الجرائم هو من حق الشعوب لتعرف حجم الخيرات التي يتم نهبها من بلادها والتي تتحكم فيها شرذمة فاسدة وعصابة من اللصوص الذين يدّعون الشرف.