لماذا رفض الشاذلي السلام مع إسرائيل ؟

يجيب الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان الجيش المصري خلال حرب أكتوبر 1973، في حواره مع الإعلامي أحمد منصور في برنامج شاهد على العصر، عن لماذا رفض عملية السلام مع إسرائيل؟.. ويكشف الشاذلي كواليس إقالته من الجيش المصري، والإطاحة بكافة قيادات الجيش التي شاركت في حرب أكتوبر 1973، وكان لها دور بارز بها. كما يتحدث عن موقفه من عملية السلام مع إسرائيل، وحقيقة اتهامة بإفشاء أسرار عسكرية ورؤيته للماضي وللمستقبل.
سعد الدين الشاذلي

يجيب الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان الجيش المصري خلال حرب أكتوبر 1973، في حواره مع الإعلامي أحمد منصور في برنامج شاهد على العصر، عن لماذا رفض عملية السلام مع إسرائيل؟..

ويكشف الشاذلي كواليس إقالته من الجيش المصري، والإطاحة بكافة قيادات الجيش التي شاركت في حرب أكتوبر 1973، وكان لها دور بارز بها.

كما يتحدث عن موقفه من عملية السلام مع إسرائيل، وحقيقة اتهامة بإفشاء أسرار عسكرية ورؤيته للماضي وللمستقبل.

نص حوار الفريق الشاذلي ولماذا رفض السلام مع إسرائيل ؟

أحمد منصور: قضيت عام ونصف في السجن الحربي بتهمة إفشاء الأسرار العسكرية..

سعد الدين الشاذلي: آه..

أحمد منصور: كيف مرت عليك هذه الفترة؟

سعد الدين الشاذلي: مفيش.. مرت سريعاً وكنت بأقرأ القرآن، واستفدت منها كثيراً جداً، يعني أتاحت لي أن أقرأ القرآن فوق من 70 مرة لأن كنت كل عشرة أيام بأتم القرآن كنت بأقرأ كل يوم ثلاثة أجزاء.

إقالة الشاذلي من الجيش

أحمد منصور: في هذه الحلقة الأخيرة من هذه الشهادة المطولة على العصر نبدأ من حيث تمت إقالتك من رئاسة أركان القوات المسلحة في 13 ديسمبر 1973. لماذا اتخذ الرئيس السادات قرار الإقالة بداية؟

سعد الدين الشاذلي: أعتقد إن قرار الإقالة جه نتيجة الخلاف والتصادم المستمر بيني وبين أيه.. أحمد إسماعيل في القيادة، في الفترة إلى 12 ديسمبر.. يعني على سبيل المثال أنا سبق وأن ذكرت قصة الأيه، قصة دفع الفرقة المدرعة لفتح الطريق إلى الجيش الثالث يوم 25 واعترضت، وقلت إن ده هيأدي إلى تدمير الفرقة المدرعة..

أحمد منصور [مقاطعاً]: 25 أكتوبر؟

سعد الدين الشاذلي: 25، 25 أكتوبر.

أحمد منصور: نعم.

سعد الدين الشاذلي: قالي كيف تقول الكلام ده قدام قائد الفرقة. قلت له: أيوه بقوله.. وقائد الفرقة قابيل موجود ممكن إن هو يكون موجود، فقلت له: أنا لن أوقع على أيه على الأمر الزي يصدر إلى هذا القائد إن هو ينفذ هذه المهمة.. الأمر علشان يكون كامل لازم يمضى عليه أيه..

أحمد منصور: رئيس الأركان؟

سعد الدين الشاذلي: الاتنين: القائد العام، ورئيس الأركان لازم يمضوا. قلت له أنا مش همضي.. وهو خوفاً من هذا تراجع ولم أيه.. ولم يُظهر الأمر.. فدي أنا أيه، لو كنت أنا، بس حتى الخلاف بيني وبينه أنقذ الفرقة الرابعة المدرعة من التدمير ده يعتبر مكسب.

حصار الجيش الثالث

أحمد منصور: لكن هذا لم يؤدي إلى حصار الجيش الثالث؟

سعد الدين الشاذلي: لأ، ده كان بعد حصار الجيش الثالث.. كان بعد حصار الجيش الثالث. المهمة كانت يوم 25 أكتوبر، الجيش الثالث كان تم حصاره يوم 24. كان تم حصاره يوم 24. أضف إلى ذلك: كان الجرائد في هذا الوقت مابتعترفش بإن الجيش الثالث محاصر. العالم كله عارف إن الجيش الثالث محاصر، ومحدش يعني، لا القيادة السياسية، ولا القيادة العسكرية بتقول إن الجيش الثالث محاصر. والكلام كله.. اللي عند كل الناس إن فيه سبع دبابات موجودين غرب القناة، ودي طبعاً كانت أخطاء من ضمن الأخطاء الإعلامية الخطيرة.

أحمد منصور: ربما هذا اللي دفع كثير من الناس، سبع دبابات ومش قادرين نقضي عليهم. كما جاء في بعض الكتب التي تناولت الحرب؟

سعد الدين الشاذلي: أيوه، صحيح، صحيح، صحيح، فطلع الأهرام أظن يوم 11 ديسمبر أو حاجة زي كده هوه.. يا 10 يا 11 ديسمبر، أظن 11 ديسمبر، وبيقول قواتنا تتقدم وتكسب أرض كل يوم، ومش عارف أيه، وحاجات زي كده.. أنا شايف إزاي بس الكلام ده بيتكتب في الجرائد وبهذا.. وبعدين حاولت إني أنا أعرف مصدر هذا الخبر، مالقتش فيه أي مصدر معلوم لي. قلت مفيش غير يا إما وزير الإعلام، يا إما حسنين هيكل بتاع الأهرام فقلت لأحمد إسماعيل، قولت له أنا استطلعت على يعني شوف مصدر المعلومات دي كلها فين، لقيت إن مفيش حد له مصدر وإن هو قال للأهرام، إنه ينشر هذه الحاجات.. فاضل جهتين اللي هو وزير الإعلام، وأيه.. وزير الإعلام مين اللي هو في هذا الوقت.. كان حاتم ماسك نائب رئيس مجلس الوزراء، لأن السادات كان في هذا الوقت كان رئيس مجلس الوزراء فهو نائب رئيس مجلس الوزراء والإعلام.

أحمد منصور: محمد عبد القادر حاتم.

سعد الدين الشاذلي: ..عبد القادر حامد.. عبد القادر حاتم، قالي: وإنت يهمك أيه..؟.. قلت له يهمني أيه إزاي دي عملية تضليل للشعب وتضليل للقوات المسلحة و.. و.. إلى آخره. عموماً رحت واخد بعضي ورايح أيه.. مقابل حاتم، قلت له: أنا عايز أعرف الحكاية.. مين اللي مصدر هذه المعلومة لإن حصل كتب وكتب وكتب.. لقيت الراجل راخر متضايق، ويقولك أيه.. بس أنا أكلم أحمد إسماعيل يقول لي سبع دبابات ويقول لي مش عارف أيه وحاجات زي كده فـ.. إنما طبعاً الرحلة بتاعتي لعبد القادر حاتم وصلتهم.. أنا رايح أقابله في المكتب بتاعه، فلقوا إن التصادم وصل إلى القمة بقى. المهم.. تاني يوم الأهرام طلع نوع من التكذيب.. إن أيه الكلام مهواش.. لإن تبقي تلاقي لما يحبوا يدسوا خبر يقوموا يدسوا الخبر ويقولك أيه المعلومات من أيه بتوع الرقابة الدولية، بتوع الرقابة الدولية قالوا لا إحنا مقولنا شيء كلام من ده المهم ثبت نتيجة الخلاف بالشكل ده، ونتيجة النقض على هذا الإعلام ورحلتي إلى حاتم، وتكذيب، اضطروا إنهم يكذبوا قال لك لأ الموضوع وصل إلى نقطة..

أحمد منصور: نعم.

سعد الدين الشاذلي: لا يمكن..

أحمد منصور: نقطة اللاعودة يعني..

سعد الدين الشاذلي: آه.. اللاعودة.. فيوم 12 ديسمبر، وأنا فاكره كويس، لإن أنا منذ أول أكتوبر لـ 12 ديسمبر وأنا في أيه..

أحمد منصور [مقاطعاً]: في القيادة العامة.

سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: في المركز 10، عايش في.. فيما عدا الرحلات اللي أنا بطلع بيها إلى الجبهة وأرجع تاني، مبعرفش حاجة عن البيت بتاعي خالص وعلى اللي…

أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني لم تكن تذهب إلى البيت مطلقاً؟

سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: إطلاقاً.. إطلاقاً يعني، ولو إن الموقف يعني بعدما وصلت القوات الدولية وبقى نوفمبر في خلال شهر نوفمبر كان الموقف مستقر..

أحمد منصور [مقاطعاً]: نعم.

سعد الدين الشاذلي: ولكن ماهنش على إني أنا أروح البيت و50 ألف من القوات المسلحة موجودين في الحصار…

أحمد منصور [مقاطعاً]: محاصرين.

سعد الدين الشاذلي: فقلت لا يمكن يعني، نفسي ما تجبينيش، فاستمريت في هذا الوضع لغاية 12 ديسمبر، وبعدين 12 ديسمبر ده بقى كان أيه، عيد زواجي 13 ديسمبر قمت قلت أيه آخد أجازة يوم، آخذ أجازة يوم بهذه المناسبة، فرحت البيت يوم 12 ديسمبر ليلاً، ولشيء غامض لميت المذكرات بتاعتي، أنا باخد نقط مثلاً يعني يوم كذا، النقط الرئيسية خدتهم في المكتب بتاعي، من المكتب بتاعي معاى في البيت، وبعدين بعد ما وصلت البيت بمفيش يجي ساعة لقيت لقيت أحمد إسماعيل بيكلمني وبيقولي عايزك تفوت على في أيه في الوزارة.. قلت: متخليها لبكرة ما إحنا طول النهار موجودين، قال لي عايزينك ضروري، طيب، خدت عربيتي ونزلت رحت القيادة، فلما رحت هناك، بعد المجاملات..

أحمد منصور [مقاطعاً]: هل شعرت أثناء المكالمة بشيء غير طبيعي؟

سعد الدين الشاذلي: لغاية دلوقت مفيش شيء طبيعي إنما هو فيه طبعاً..

أحمد منصور [مقاطعاً]: مفيش شيء غير طبيعي؟

سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: أيه.. مفيش يعني مفيش…

أحمد منصور [مقاطعاً]: التوتر الطبيعي؟

سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: التوتر الطبيعي الموجود.. مفيش شيء يعني؟ فلما رحت لقيت الجمصي موجود عنده في الأيه..

أحمد منصور: في المكتب؟

سعد الدين الشاذلي: في المكتب، فلما دخلت الجمصي طلع وقعدت أنا بقى…

أحمد منصور: كيف كانت علاقتك بالجمصي؟

سعد الدين الشاذلي: علاقة عادية جداً، علاقة زملا والجمصي ظابط كويس ومطيع، ومفيش مشكلة أبداً يعني.

أحمد منصور: كان رئيس العمليات؟

سعد الدين الشاذلي: كان رئيس العمليات والنائب بتاعي يعني إذا غبت أنا يكون هو الأيه..

أحمد منصور: رئيس الأركان.

سعد الدين الشاذلي: يكون.. رئيس العمليات، ونائب رئيس الأركان، ونائب رئيس الأركان، فلقيته، فطيب الجمصي طلع وقعدت معاه، وبعدين بيقول لي بقى أيه.. رئيس الجمهورية بيقدر الجمهورية بيقدر المجهود اللي أنت بذلته في أيه.. الكلام بقى الدبلوماسي.

نقل الشاذلي إلى وزارة الخارجية

أحمد منصور: نعم.. نعم.

سعد الدين الشاذلي: الكلام الدبلوماسي ما قمت بيه في القوات المسلحة، وخدمة القوات المسلحة، ومكافأة لك فإنه أمر بنقلك إلى وزارة الخارجية، أنا بقى أيه، قلت له: طيب عموماً..

أحمد منصور [مقاطعاً]: لأ قول لي انطباعك أيه؟

سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: طيب منا هأقول لك أهوه، ما أنت لازم تعرف على طول، قلت له: والله إذا كان هذا تقدير من رئيس الجمهورية، فأنا أشكر رئيس الجمهورية على هذا التقدير، وأعتذر عن قبول هذا المنصب، إذا كان السبب هو تقدير، أما إذا كان جزاء فأرجو أن تُفتح الملفات وتكون هناك محاكمة علنية لنعرف من المسؤول؟

أحمد منصور: كان ردك ده مباشر على طول؟

سعد الدين الشاذلي: مباشر على طول.

أحمد منصور: كنت محضره؟

سعد الدين الشاذلي: تقدر تقول إن باستمرار الواحد عنده تقدير موقف مسبق، فمبتبقاش فيه مفاجأة ماذا يحدث لو حصل كذا.. ماذا يحدث لو حصل..

أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني بتحط كل الاحتمالات؟

سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: كل الاحتمالات..

أحمد منصور [مقاطعاً]: وبتتعامل مع كل احتمال حسب وقوعه؟

سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: بالضبط كده، بالضبط لا أفاجأ يعني…

أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أيضاً شخصيتك العسكرية المحترفة.. حتى في مواقفك الحياتية لها دور؟

سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: مضبوط.. مضبوط قالي بقى: إنت بترفض أيه.. أوامر رئيس الجمهورية.. قلت له احسبها بقى زي ما تحسبها مسألة بقى مابقاش منظر قيادة..

أحمد منصور [مقاطعاً]: كنت منفعل ولا كنت تتكلم زي كده؟

سعد الدين الشاذلي: لا.. لا.. لا.. زي ما بقولك كده قلت له: احسبها زي ما تحسبها.. يعني فيها شيء من الحدة طبعاً، قلت له: احسبها زي ما تحسبها.. أنت بتقول تقدير، واللي.. والمقدر له حق إن هو يقبل هذا التقرير أو…

أحمد منصور [مقاطعاً]: أو يرفضه؟!

سعد الدين الشاذلي: أو يرفضه أو يعتذر عنه. فأنا برفضه ويقول: إذا كان هذا التقدير مغلف في عتاب فبقول لأ ما يصحش إن ده يكون في السر، لازم يكون في العلن، ورحت مطلع ورقة.. وبعدين وأدي هذه استقالتي، بقدم استقالتي من القوات المسلحة.

أحمد منصور: يعني هو ما قلكش الرئيس أقالك إنما..

سعد الدين الشاذلي: لا.

أحمد منصور: قالك أنت انتقلت من وزارة الدفاع إلى وزارة الخارجية؟

سعد الدين الشاذلي: بيقولك تقدير.

أحمد منصور: تقدير.

سعد الدين الشاذلي: بيقولك تقدير من رئيس الجمهورية.

أحمد منصور: بس ده يعتبر تقدير سعادة الفريق؟!

سعد الدين الشاذلي: فهو في بعض الأوقات يروح السفير.. هجيلك بعد كده…

أحمد منصور: طيب ماشى.

سعد الدين الشاذلي: كما قيل قبل كده قالك دا أي رئيس وزارة، أقوله تروح سفير في لندن يفرح.. أيه اللي يخليك أنك أنت ترفض هذا..

أحمد منصور [مقاطعاً]: طب هل بلغك بالمنصب مباشرة ولا قالك بس إنك انتقلت لوزارة الخارجية؟

سعد الدين الشاذلي: لأ.. هو كده. يعني ما أذكرش ذُكر موضوع لندن هو قال سفير بالدرجة الممتازة، سفير بالدرجة الممتازة دي تبقى فيها حتت معينة، مفيش غير لندن، إذا كان واشنطن.. إذا كان حاجة زي كده..

أحمد منصور: نعم، نعم.

سعد الدين الشاذلي: بس رحت مطلع الورقة ورحت كاتب الأيه..

أحمد منصور: استقالتك.

سعد الدين الشاذلي: الاستقالة.. كذا.. كذا.. كذا..

أحمد منصور: سببت الاستقالة ولا مجرد استقالة بسيطة؟

سعد الدين الشاذلي: لأ استقالة بإن إيماءً إلى ما ذكرت سيادتكم بأن رئيس الجمهورية أمر بكذا كذا فأنا أعتذر عن قبول هذا المنصب، وأقدم استقالتي من القوات المسلحة ورحت ماضي، وواخد بعضي ومروح على أيه، على البيت.

أحمد منصور: وأنت نازل من عنده..

سعد الدين الشاذلي: أيه؟

أحمد منصور: وحضرتك نازل من عنده…

سعد الدين الشاذلي: آه.

أحمد منصور: أيه اللي كان يجوش في نفسك؟

سعد الدين الشاذلي: بقيت أقول: اللهم لك الحمد والشكر إن ربنا اختار لي حاجة موقف لإن الموقف كئيب، الموقف اللي إحنا موجودين فيه كئيب من وجهة النظر العسكرية، ومن وجهة النظر السياسية، وزي ما قلت لك: إن الطرف الآخر بيملي علينا شروطه، وأنا عايز أخلص من هذا فربنا بيخلصني منه بطريقة كريمة..

أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن لم تفكر أنت في الاستقالة رغم كآبة الموقف طوال الفترة الماضية؟

سعد الدين الشاذلي: لأ، كنت بقول..

أحمد منصور [مقاطعاً]: لماذا؟

سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: بقائي هو حجر يعني، ونقطة معارضة تمنعهم من الانحدار إلى ما هو أكثر من ذلك.

أحمد منصور: وفعلاً كان كده..

سعد الدين الشاذلي: طبعاً.. إنقاذ الفرقة الرابعة المدرعة، الإعلان اللي هو طلع في الأهرام، واعتذار الأهرام تاني يوم، الاتصال بتاعى بحاتم.. حاتم لغاية دلوقتي في هذا الموقف مكنش يعرف غير حكاية إنهم سبع دبابات..

أحمد منصور: آه..

سعد الدين الشاذلي: فأنا شرحت له الموقف، فأنا زي ما تقول أيه عقلة في زورهم بقى دلوقت، فيعني مبمكنهمش من الانزلاق إلى ما هو أكثر من ذلك فلما جت كده، قلت اللهم لك الحمد والشكر. ورجعت البيت.

أحمد منصور: طب ليه الرئيس السادات ذكر إنه بلغك بالإقالة ليلة 19 – 20 أكتوبر. الآن الحقيقة إنه يوم 13 كما تذكر الآن ديسمبر؟

سعد الدين الشاذلي: ما هو السادات مش كل اللي بيقوله صحيح -مرة أخرى- دا الكتاب بتاعه بتاع “البحث عن الذات” ملئ بالمتناقضات، المهم مش ده الموضوع بتاعنا. قعدت في البيت بعد ساعة ضرب التليفون وكان المتكلم هو اللواء حسني مبارك قائد القوات الجوية..

أحمد منصور: نعم.

سعد الدين الشاذلي: قالي. سيادة الفريق أنا عايز أفوت أشرب عندك فنجان قهوة. قلت له: أهلاً وسهلاً بس يعني ما تخليها لبكرة وبتاع.. منا مش عايز أقوله إن أنا قدمت استقالة، يعني مش عارف إذا كان عارف ولا لأ، قعد يلح إنه عايز يجي ضروري دلوقت، قلت له اسمع بقي أنا منيش رئيس أركان حرب القوات المسلحة لأن أنا قدمت الاستقالة بتاعتي من قيمة ساعة إلى أحمد إسماعيل قالى منا عارف وعلشان كده عايز أجيلك برسالة من الرئيس السادات، قلت له أهلاً وسهلاً، الموقف بيتغير…

أحمد منصور [مقاطعاً]: توقعت أيه بقى دلوقتي؟

سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: توقعت.. واحد جاي برسالة من السادات، شوف هيقول أيه.. جه.. قالي بقى الرئيس طلبني، وقالي أنا عارف إن سعد الشاذلي، وأحمد إسماعيل مختلفين مع بعض، ويمكن مقدرش يوصل الموقف كويس. فأنا عارف إن علاقتك مع سعد الشاذلي كويسه فتروح، وتبلغه إن الرئيس زعلان إزاي إن هو يقول أيه إن هو يقول إنك إنت تروح سفير بالدرجة الممتازة وهتروح بكل الدرجات بتاعتك، يعني مش سفير بماهية سفير بماهية وزير، لأن أنا درجتي وزير..

أحمد منصور [مقاطعاً]: كرئيس أركان.

سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: كرئيس أركان.. بكل المميزات الخاصة والمالية بتاعتك والكلام ده كله.. قلت له المسألة مش مسألة. مش مسألة فلوس..

أحمد منصور [مقاطعاً]: طب أنا عايز أسأل سعادتك قبل دي، ليه اختار اللواء حسني مبارك دوناً عن شخصيات أخرى كثيرة؟

سعد الدين الشاذلي: الله أعلم.

أحمد منصور: هل فعلاً علاقتك بيه كانت مميزة عن الآخرين؟

سعد الدين الشاذلي: لأ ما أقدرش أقول مميزة وما أقدرش أقول وحشة، أنا علاقتي كانت كويسة مع الكل، علاقتي كويسة كل يعني، لم يكن هناك أي خلاف بيني وبين الرؤساء رؤساء الأفرع الرئيسية اللي أنا بتعامل معاهم إطلاقاً، كلهم علاقتي بيهم كويسة، إنما ليه اختار هو اللواء حسني مبارك قد يكون هو شعر بإن العلاقة بيني وبينه أفضل…

أحمد منصور [مقاطعاً]: أفضل من العلاقة.

سعد الدين الشاذلي: يجوز.. يجوز.. فقلت له: هذا ولكن الأسلوب الزي اتبع مهواش مناسب، وبالتالي أنا بأكرر اعتذاري عن قبول هذا المنصب.

أحمد منصور: الرسالة كانت شفوية أم مكتوبة؟

سعد الدين الشاذلي: لأ شفوية.

أحمد منصور: شفوية.

سعد الدين الشاذلي: شفوية فقعد برضه معايا أكثر من ساعة يحاول أن أيه يثنيني، برسالة من السادات، وبعدين اعتذرت.. طيب تاني يوم بقى الصبح كانوا مأخرين الجرايد علشان تطلع على تغيير القيادات ومش عارف أيه والكلام ده كله..

أحمد منصور [مقاطعاً]: كان تغيير شامل، ولا فقط منصب رئيس الأركان؟

سعد الدين الشاذلي: لا.. تغيير شبه شامل لأن اتشال رئيس الأركان، وقائد الجيش الثاني، وقائد الجيش الثالث أيه.. يعني الناس اللي بقى هم بتوع الحرب بقى.. أكثر الناس إلماماً بتفاصيل الحرب بيجنبوا، بيجنبوا..

لماذا رفض الشاذلي السلام مع إسرائيل ؟

أحمد منصور: لماذا رفضت عملية السلام ويعني كان بينظر ليها على إنها ستخلص مصر من حاله الحرب الدائمة وستكون مرحلة جديدة؟

سعد الدين الشاذلي: أي سلام؟! أصل السلام لازم يكون بين ندين، والسلام يكون على أساس تنازل، لما يكون فيه توازن بين القوى يبقى فيه تنازل من هذا الطرف تجاه هذا الطرف، إنما نحن لم نحصل على السلام، سيناء مازالت منزوعة السلاح، فيه قوات محدودة مصرح بيها داخل أيه سيناء، غير مسموح بإن يكون لنا طائرات أو مطار حربي داخل سيناء. غير مسموح لنا أن يكون لنا دفاع جوي صاروخي. الدفاع الجوي اللي هو بيعذب إسرائيل وبيخوفها ممنوع من دخول سيناء. فيبقى هذه القوات أيه؟ ما قيمة هذه القوات؟ قوات تعتبر رهينة يعني، ولكن السلم الحقيقي هو ألا أفقد حريتي في اتخاذ القرار. إنما لما يجي النهاردة نبص تلاقي القرارات السياسية بتاعتنا أيه، تكاد تكون تابعة لأميركا، يقول تكاد تكون علشان مقولش تابعة 100% تكاد تكون تابعة لأميركا..

إفشاء الأسرار العسكرية

أحمد منصور: أنت اُتهمت سعادة الفريق بأنك أفشيت الأسرار العسكرية للدولة من خلال الكتب التي أصدرتها ومن خلال المحاضرات، واللقاءات، والندوات التي أقمتها بعد خلافك مع الرئيس، أما تعتقد إن كان خلافك مع الرئيس شيء، وتهمة الإفشاء، إفشاء الأسرار العسكرية أو القيام بإفشاء أسرار عسكرية -إن كان ذلك واقع- شيء آخر كان يجب أن تفرق ما بين الاثنين؟

سعد الدين الشاذلي: أولاً: نمسك على تهمة إفشاء أسرار، أنا بحتكم إلى الشعب العربي وأحتكم إلى كل مثقف، الكتاب بتاعي موجود في المكتبات، وترجم إلى الإنجليزية، والفرنسية، وقرأ في جميع أنحاء العالم. أرجو لأي قارئ يقول لي ما هو السر فيه؟ أنا من وجهة نظري لا أجد فيه سر…

أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني معنى ذلك إن فيه أسرار كثيرة أنت لم تذكرها في الكتاب؟

سعد الدين الشاذلي: فيه بعض أسرار مثلاً وقتها كانت تعتبر سر، مجبتهاش يعني مثلاً الصواريخ بعيدة المدى..

أحمد منصور [مقاطعاً]: سكود؟

سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: اللي هي كانت تُركب في الـ Tu16 ولها مدى. كانت لسه لغاية دلوقتي مهيش معروفة بشكل جازم فمجبتش سيرتها.. الحاجات اللي أنا أعرف.. لأن مفهومي للسر أيه؟ هي المعلومة التي لا يعلمها العدو، والتي إذا علمها فإن ذلك يسبب تهديد لأمن وسلامة بلادي، فمفيش في أي ما قلته يعتبر سر دولة، جايز يكون سر حكومة..

أحمد منصور [مقاطعاً]: طيب..

سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: وسر حاكم. أشياء يريد الحاكم يخفيها عن الشعب.

أحمد منصور: ما الفرق بين هذا وذاك؟

سعد الدين الشاذلي: لا فرق كبير جداً.

أحمد منصور: المرحلة تقتضي ذلك.

سعد الدين الشاذلي: أبداً، أبداً، كل واحد في السلطة يستطيع أن يقول كما يشاء، ولكن لنا عبرة في البلاد الديمقراطية، وقصة الـ Pointing اللي هي حصلت في إنجلترا في أعقاب حرب “الفوكلاند” كان (تاتشر) وهي في الحكم أرادت أن تخفي معلومة عن حزب العموم، مجلس العموم فكان فيه وكيل وزارة اسمه (بونتينج) في وزارة البحرية سرب هذا الخبر إلى أيه..

أحمد منصور [مقاطعاً]: وسائل الإعلام.

سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: إلى وسائل الإعلام، المعارضة بالذات فحزب العمل ثار ضد أيه ضد ضد ضد “تاتشر”، قدموا بونتينج للمحاكمة، الدفاع كان بيقول.. الدفاع عن بونتينج بيقول لك حق الشعب في المعرفة..

أحمد منصور [مقاطعاً]: ربما أي شخص يرد ويقول أن هذا قانون بريطاني وليس قانون مصري.

سعد الدين الشاذلي: لازم نخلي القانون المصري يعمل كده ما الفرق؟ الديمقراطية لا وطن لها. إما نحن بلد ديمقراطي، ونأخذ بالوسائل الديمقراطية، أو غير ديمقراطية، فكان قال لك: حق الشعب في المعرفة، ويجب أن نفرق بين سر الحكومة وسر الدولة. المحافظين بيردوا المدعي العام بقى بيقول لك أيه: سر الحكومة هو سر الدولة لأن الدولة منتخبة بواسطة أيه..

أحمد منصور: الشعب..

سعد الدين الشاذلي: بواسطة الشعب.. قال لك: لأ، قد يتطابق أحياناً سر الحكومة مع سر الحاكم وليس بالضروري أن يكون هناك تطابق تام.

أحمد منصور: يعني سعادة الفريق أنت غير نادم على ما ذكرته في كتابك؟

سعد الدين الشاذلي: إطلاقاً، إطلاقاً، ولو عادت بي الساعة مرة أخرى هأعمل نفس الكتاب..

أحمد منصور: رغم محاكمتك والحكم عليك؟

سعد الدين الشاذلي: رغم محاكمتي، والنهاردة أنا بقولك هذا الكلام يعتبر كأنه في مفهومهم كأنه إذاعة أسرار وأنا غير معترف بهذا..

أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني ليس هناك شيء تعتبره سر..

سعد الدين الشاذلي: إطلاقاً.. في كل…

أحمد منصور [مقاطعاً]: فيما تحدثنا فيه طوال عشر حلقات.

سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: إطلاقاً.. في كل ما قلته لا أجد فيه سر إطلاقاً لأنه معروف لدى العامة والخاصة خارج مصر بصفة عامة.

أحمد منصور: ما تقييمك لتجربتك الحياتية المليئة بالأحداث، المليئة بالمشاكسات -اسمح لي في هذا- كيف تنظر لها الآن؟ يعني كيف تنظر لتجربتك الحياتية؟

سعد الدين الشاذلي: راضي تمام الرضا عما فعلت ولو عادت عقارب الساعة، والأيام إلى الخلف لسرت في نفس الطريق، لأن أنا اليوم أنام وأنا مطمئن، ضميري مرتاح لا أحس بأن أنا أيه، قلت شيء كذب وخدعت بيه ناس وخدعت بيه دولتي أبداً أو خدعت بيه أي حد أبداً بل قلت الحقيقة والجزاء من عند ربنا إن شاء الله.

أحمد منصور: سعادة الفريق فيه مواقف معينة كنت تتمنى أن تصرفك فيها يكون غير التصرف اللي قمت بيه؟

سعد الدين الشاذلي: أبداً الحمد لله، الحمد لله، كل القرارات كانت سليمة 100%.

أحمد منصور: حتى يعني قرار إقامتك في الجزائر، وطوال الفترة اللي أقمتها هناك 14 عام تقريباً، واعتبرت إنك أنت معارض، ويعني بتهدد سياسة الدولة أو بتهاجمها أو شيء من هذا القبيل؟

سعد الدين الشاذلي: ما تقولش الدولة، قول سياسة الحكومة، ما هو لازم نفرق بين الدولة والحكومة دي نقطة هامة جداً. نقطة هامة جداً. الحكومة متغيرة والدولة ثابتة. مصالح الدولة ثابتة، مصالح الحكومة متغيرة.

أحمد منصور: لازال لك طموح تود أن تحققه في حياتك؟

سعد الدين الشاذلي: مفيش غير إرضاء ربنا.. أنا راجل عندي 76 سنة، جاوزت الـ 76 سنة، سومفيش غير إرضاء ضميري، وإرضاء ربنا بس ولا طموح آخر.

اعتقال الشاذلي في السجن الحربي

أحمد منصور: لازلت معارض للسلام ولاتفاقيات “كامب ديفيد”..

سعد الدين الشاذلي: طبعاً. طبعاً. أي سلام، “واي بلانتيشن” دي تعتبر سلام. ياسر عرفات مجرد وزير داخلية للأراضي في حكومة نتنياهو بالنسبة للأراضي المحتلة، والمهمة المنوط بيها إن هو يدمر يعني قوات حماس، وقوات الجهاد.

أحمد منصور: قضيت عام ونصف في السجن الحربي بتهمة إفشاء الأسرار العسكرية..

سعد الدين الشاذلي: آه..

أحمد منصور: كيف مرت عليك هذه الفترة؟

سعد الدين الشاذلي: مفيش.. مرت سريعاً وكنت بأقرأ القرآن، واستفدت منها كثيراً جداً، يعني أتاحت لي أن أقرأ القرآن فوق من 70 مرة لأن كنت كل عشرة أيام بأتم القرآن كنت بأقرأ كل يوم ثلاثة أجزاء.

أحمد منصور: سعادة الفريق، هل فيه شيء كنت تأمل أن تحققه ولم تحققه في حياتك؟

سعد الدين الشاذلي:لا، الحمد لله سوف أصل أنا مؤمن بالقدر كمان.. يعني ما هو الإيمان.. جزء مهم من الإيمان أن تؤمن بالقدر، فالمطلوب إن الواحد يفعل ما يعتقد أنه صح، أما النتيجة فلا.. مش بتاعتك، النتيجة بتاعة ربنا وده جزء من القدر وأنا أؤمن بالقدر تماماً..

أحمد منصور: ما رؤيتك لمستقبل الأمة العربية؟

سعد الدين الشاذلي: بالنسبة للمستقبل البعيد في صالح الأمة العربية، والأمة الإسلامية، وسينتصر العرب والمسلمون على إسرائيل. هذا مما لا شك فيه، لأنه وعد إلهي، والوعد الإلهي لا نقص ولا إبرام بالنسبة له، فهذه حقيقة وكما قلت لك الرؤية الاستراتيجية بتؤكد ذلك، فالأسف إحنا بنمر بمرحلة سيئة، مرض باعتبره مرض مؤقت ولكن سنبرأ منه -إن شاء الله- والطريق اللي هيوصلنا له إن إحنا نأخذ بالديمقراطية الحقيقية.. الديمقراطية ثم الديمقراطية ثم الديمقراطية.

حمد منصور: في ختام هذه الشهادة التي قدمتها على العصر، ما الذي تقوله للأجيال التي تعيش الآن، والتي تستمع إليك، والأجيال اللاحقة -أيضاً-؟

سعد الدين الشاذلي: أقولهم إن حياتي كانت مليئة بالمتاعب والمشاق نتيجة إن أنا كنت بأتمسك برأيي وبالحق بأن أكون دائماً في جانب الحق، ولكن بالرغم من هذه المشاكل وصلت إلى أكبر منصب عسكري ممكن أن يطمع فيه واحد، وهو رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وفي وقت من أصعب الأوقات التي هي حرب أكتوبر، فهذا من فضل الله، فمش عايز الناس تخاف إنها تقول كلمة الحق. تقول كلمة الحق حتى لو تسبب ذلك في بعض المشاكل، ولكن فليتأكدوا إن هذه المشاكل مؤقتة وإن ربنا سيعوضهم بعد ذلك، وتعويض ربنا سيكون أجزل وأكثر إن شاء الله.

Total
0
Shares
السابق
خالد مشعل

استمرار المقاومة الفلسطينية رغم الضربات الأمنية!

التالي
عبد الوهاب المسيري

الرؤية الصهيونية تجاه العرب

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share